كان قبل الهجرة، فوازى ذلك السنةَ الثانيةَ من الهجرة التي كانت فيها غزوة "بدرٍ الكبرى"، وهي وإن كانت من العِظَمِ أمر بالغ جدًّا، لكنها كانت على وجهٍ مخالف للقياس، فإنَّ حالَ الصحابة - رضي الله عنهم - كان فيها في غاية الضَّعف، ولكونها أولَ ما وقع فيه النصر من الغزوات لم تكن نفوس المخالفين مُذعِنةً؛ لأن ما بعدها يكون مِثْلَها، فإذا ضُمَّ إلى ذلك الضميران المستتران -وهما أضعف من البارز- انطبق العددُ على سَنةِ غزوةِ "بدر الوعد" في سنه أربع، وهي -وإن كانت قويةً لكونِ قريش ضَعفوا عن اللقاء - لكنْ كان حاَلُها أضعفَ من "بدر" التي وقع فيها القتالُ وأستر، وكونُ كلماتِها الخطيةِ والاصطلاحيةِ التي هي أبعاضُ الكلماتِ الخطية سبْعَ عشْرةَ مؤذِنٌ بأن الأمرَ في {فَصَلِّ} مُصوَّبٌ بالذات وبالقصدِ الأول إلى الصلواتِ الخمس التي هي سَبْعَ عشْرةَ ركعة، وأن مَن ثابر عليها كان مُصليًا خارجًا من عُهدةِ الأمر، فإذا قُصِدَتْ في السَّفَرَ بما اقتضته صِفة التربية بالإحسان نَقَصت بقَدْرِ عِدَّةِ الضمائرِ سوى الذي وفى الأمر بها؟ لأن الأمرَ الناشئَ عن مَظهرِ العَظمة لا يليق فيه التخفيف بنفس كلمةِ الأمر، وإذا أضفنا إليها كلماتِ البسملة الأربعَ كان لها أسرار كبرى من جهةٍ أخرى، وذلك أن الكلماتِ الخطيَّةَ تكون أربعَ عشْرةَ إشارةً إلى أن ابتداءَ البَتْرِ للأضداد يكونُ بالقوَّة القريبة من الفِعل بالتهيئ له في السَّنةِ الرابعةَ عشْرةَ من النبوة، وذلك عامَ الهجرة، فإذا أضفنا إليها الضمائرَ البارزة التي هي أقربُ إلى الكلمات الخطية -وهي خَمْسة- كانت تِسْعَ عشرة، وفي السنةِ التاسعةَ عشْرةَ من النبوة -وهي السادسة من الهجرة- كان الفتحُ المُبين على الشانِئين الذي أنزل الله فيه سورة "الفتح"، فإذا أضفنا إليها الضميرين المستترين كانت إحدى وعشرين