للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

النِّسَاءِ} [النساء: ٣٤]. غيرَ أن مُنكِرِي الهندِ أقدَمُ منه في هذا الادِّعاء، وسيَمُرُّ بك شيءٌ منه في فَصل "آراؤهم التشريعية"، فالطبيبُ بحكم دراستِه في أوروبا، وقضاءِ أواخِرِ حياتِه في أمريكا بعد هَجْرِ مصرَ -نتيجةَ قسوةِ النقدِ الذي وُجِّه إلى شِعره، وعدمِ استقرارِ الأحوالِ السياسةِ في مصرَ قبلَ ثورة ١٩٥٢ - ، لا نَستبعدُ منه مِثلَ هذا الكلام، بل نراه يُغالِي أكثَرَ مِن ذلك، فيَحُثُّ المسلمين على نَيلِ أكَبرِ قَدرٍ ممكنٍ من الحضارة الأمريكية؛ لأنَّ الحياة الأمريكيةَ -فِكرًا وواقعًا- في نظره قريبةٌ من الإِسلام، بل هي صِنوُ الإِسلام حيث يقول: "إنَّ مبادئَ الإِسلامِ نظريًّا وَعَمليًّا هي أقربُ ما تكونُ لمبادئِ الحضارةِ الأميريكية والحياةِ الأميريكية -تفكيرًا وسلوكًا-، فهل يَتنَبَّهُ المسلمون إلى هذه الحقيقةِ الراسخةِ فيُفلِحوا؟ " (١).

° ويقول: "وما الدفاعُ الذي تقومُ به أميركا اليومَ عن العالَم الحُرِّ إلَّا صِنْوُ الدفاعِ الذي رَفَع لواءَه محمدٌ - صلى الله عليه وسلم -" (٢).

فالرجلُ أَجيرٌ يَخدُمُ قضيةً معيَّنةً، لا يُهمُّه إذا ذَهَب يَمْنَةً أو يَسْرةً، فنظرتُه إلى الإِسلام محفوفةٌ بالمطاعن، ويتَّخذُ من هَدمِ السُّنةِ جِسرَ عُبورٍ إلى هدِم القرآن، ومِن ثَمَّ يَتسنَّى له هَدمُ الدين، ولتحقيقِ هذه الغايةِ نراه يدعو كلَّ مسلمٍ أن يكونَ "مسيحيًّا" قبلَ الإِسلام (٣)، بل ويَشتركُ في تأسيسِ "حركة البرلمان العالَمي للديانات" للجمع بين التوحيد وعبادة الأصنام،


(١) "ثورة الإِسلام" (ص ٥٧).
(٢) "ثورة الإِسلام" (ص ٦١).
(٣) "ثورة الإِسلام" (ص ١٢٤).

<<  <  ج: ص:  >  >>