لإحضارك إلى بيتي، فلْتَقُل لي:"شكرًا". فقال لها: شكرًا .. ثم يتذكَّرُ ما حدث ويقول: لقد أُغمِيَ عليَّ.
تأتي هند، وتجلسُ على السرير قريبةً منه، وتَمدُّ إصبَعَها في فَتحةِ الجلباب، وتَضربُ صَدرَه، ثم تُتمتم: أُغمي عليك! هذا ضَعفٌ يا ماهوند .. هل ضَعُفتَ؟ ثم تُردِفُ قائلةً له: أنا زوجةُ سيِّد قومه، وكلانا -أنا وهو- لسنا من أصدقائك، إن زوجي رجلٌ ضعيف، يعلمُ أنَّ لي عُشَّاقًا ولا يَفعلُ شيئًا، وذلك لأنَّ رِعايةَ بيوتِ العبادة في أُسرتي:"أللات والعزى ومناة".
وتُقدِّمُ هندٌ للنبيِّ مكعَّباتٍ من البِطيخ، محاوِلةً إطعامَه بأصابعها، لكنه يرفضُ إطعامَها له، ويتناولُ البِطيخَ بنفسه.
ثم تستطردُ قائلةً:"بَعل" هو آخِرُ عُشَّاقي .. وهنا تلمحُ الغَيظَ في وجهه .. وتقول له: لا بعل ولا أبو سمبل كفءٌ لك، أنا فقط .. أنا عَدلُك وأنا خَصمُك .. ثم تقتربُ منه واضعةً وجهها أقربَ ما يكون منه، وتقول: إذا كنتَ أنت نائبًا عن الله، فأنا نائبة عن أللات، وهي لن تؤمنَ بإلهِك عندما يَعترفُ بها، إن معارضَتَها له عنيدةٌ ونهائيةٌ للحرب بيننا، لا تنتهي بهُدنة -ويا لها من هُدنة!! - إنَّ إلهَك رَبٌّ متعالٍ، ولا يُوجد لدى أللات أقلُّ رغبةٍ في أن تكونَ ابنتَه، إنها كفءٌ له كما أني كفءٌ لك.
عندئذٍ يسألها ماهوند: وبِناءً على ذلك، هو يَخونُ سيِّدُ قومِه عهدَه؟ وتجيبُ هند: مَن يدري؟ إنه ضعيف كما أخبرتُك، لكني أَصدُقُكَ القول: لا يمكن أن يوجَد سلامٌ بين الله وهذه الثلاث، أنا لا أُريد ذلك، أريدُ القتالَ حتى الموت، هذا ما أنا عليه .. ثم يرحل النبي" (ص ١١٩ - ١٢١).