ودَخَل المكيُّون في الإِسلام:"عاد ماهوند إلى يثرب مع زوجاته، تاركًا المدينة "الجاهلية" تحتَ إمرةِ قائدِ جيشِه خالد .. فمنذ مُدَّةٍ فكَّر ماهوند في أمرِ خالد بإغلاقِ مواخير الجاهلية، إلَّا أنَّ "أبو سمبل" نَصَحه بألَّا يُقدِمَ على مِثل هذا الإجراءِ المتهوِّر، فَلَفَت نَظرَه إلى أن الجاهليين حديثو عهدٍ بالإِسلام: "فلتأخذِ الأمورَ بتأنٍّ" .. ونظرًا لأنَّ ماهوند يُعتبر أكثرَ الأنبياءِ واقعيةً، فقد وافق على فترةٍ انتقالية.
ولهذا، اندفع الجاهليون إلى ماخورِ الحِجاب، في غيابِ النبيِّ "في يثرب" .. ولأسبابٍ واضحةٍ لم يكن من الكَيَاسة أنْ يقفَ رُوَّادُ الماخور في صفٍّ طويلٍ في الشارع، وإنما كانوا يَلتفُّون حولَ نافورةِ الغرام، في الفِناء الداخليِّ للماخور، يطوفون حولَها، كما يطوفُ الحُجَّاجُ -لأسبابٍ أخرى- حولَ الحَجَرِ الأسود القديم .. كان كلُّ رُوَّادِ الماخور لابِسِي أقنعةَّ، وكان بعل "الزوج الصوري لمومسات الماخور" يُراقبُهم من أعلى.
وبعد مرور سنتَينِ ويَومٍ واحِدٍ من ممارسةِ بعلٍ لحياته الجديدة "ديوثًا"، إذا بأحدِ زبائِن "عائشة" يتعرَّفُ عليه على الرغم من تنكُّره، قائلاً: "إذَنْ، هذا هو المكانُ الذي آواك"! لقد كان هذا سلمانَ الفارسيَّ، الذي دعاه بعل -عَقِبَ ذلك- إلى رُكنٍ، وقَدَّم له زجاجةً من النَّبيذ .. قال سلمانُ: "لقد جئتُ إلى هنا، لأني تاركٌ نهائيًّا هذه المدينةَ اللعينة، ولهذا أردت أن أستمتعَ بلحظةٍ من المتعة بعد كلِّ تلك السنين الخَرَّاء! لقد قَرَّرتُ أن أرحل إلى وطني .. إني راحلٌ غدًا دون أدنى تأخير"! (ص ٣٨١، ٣٨٥).