رجالِ التابعيِّ الأول، كما حكاه ابنُ الصلاح (ص ٣٥)، وكأنَّ ذلك ليغلِبَ على الظنِّ أنَّ المحذوفِ في أحدِ المرسَلَيْنِ هو غيرُه في المرسَلِ الآخَر".
° قال الألباني: "إننا لو ألقينا النظرَ على رواياتِ هذه القصةِ، لألفيناها كلَّها مرسَلة، حاشا حديثَ ابنِ عباس، ولكنَّ طُرقَه كلَّها واهيةٌ شديدةٌ الضعف لا تَنجبِرُ بها تلك المراسيل، فيَبقى النظرُ في هذه المراسيل، وهي -كما علمت- سَبعةٌ، صَحَّ إسنادُ أربعةٍ منها، وهي مرسَلُ سعيدِ بنِ جُبير، وأبي بكر بنِ عبدِ الرحمنِ بنِ الحارث، وأبي العالية (رقم ١ - ٣)، ومرسَل قتادة رقم (٥)، وهي مراسيلُ يَرِدُ عليها أحدُ الاحتمالَين السابقَين، لأنهم من طَبقةٍ واحدة، فوفاةُ سعيدِ بنِ جُبير سنةَ (٩٥) وأبي بكرِ بنِ عبدِ الرحمن سنةَ (٩٤)، وأبي العالية -واسمُه "رُفيع" مصغَّرًا- سنةَ (٩٠)، وقتادةَ سنةَ بِضعَ عَشْرةَ ومِئةٍ، والأولُ كُوفيٌّ، والثاني مَدَنِيٌّ، والأخيران بَصْرِيَّان.
فجائزٌ أن يكونَ مَصدرُهم الذي أخذُوا منه هذه القصةَ ورَوَوْها عنه واحدًا لا غير، وهو مجهول.
وجائزٌ أن يكونَ جَمْعًا، ولكنَّهم ضَعفاءُ جميعًا، فمع هذه الاحتمالاتِ لا يُمكنُ أن تَطمئنَّ النفسُ لقَبولِ حديثِهمِ هذا، لا سيَّما في مِثلِ هذا الحَدَثِ العظيمِ الذي يَمَسُّ المَقامَ الكريمَ، فلا جَرمَ تتابَعَ العلماءُ على إنكارِها، بل التنديدِ ببطلانها، ولا وَجْهَ لذلك من جِهةِ الروايةِ إلَّا ما ذكرنا، وإن كنتُ لم أقِفْ على مَن صَرَّح بذلك كما ذكرتُ آنِفًا" (١).