ذلك- فحينئذٍ أنكرها عليه جبريلُ، وقال له:"ما جئتُك بهذه! "، فحَزِن النبيُّ - صلى الله عليه وسلم - وأُنزل عليه:{وَإِنْ كَادُوا لَيَفْتِنُونَكَ عَنِ الَّذِي أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ لِتَفْتَرِيَ عَلَيْنَا غَيْرَهُ}[الإسراء: ٧٣].
فياللهِ والمتعلِّمينَ والعالمينَ من شيِخٍ فاسدٍ موسوِسٍ هامدٍ لا يَعلمُ أنَّ هذه الآيةَ نافيةٌ لِمَا زَعَموا، مُبطِلةٌ لِما رَووْا وتقوَّلوا، وهو:
المقام السادس: وذلك أن قولَ ابنِ العربي: "كاد يكونُ كذا" معناه "قارَبَ ولم يكن"، فأخبَرَ الله في هذه الآية أنهم قارَبوا أن يَفتِنوه عن الذي أُوحِيَ إليه، ولم تكن فِتنةً، ثم قال:{لِتَفْتَرِيَ عَلَيْنَا غَيْرَهُ}[الإسراء: ٧٣] وهو:
المقام السابع: ولَم يَفْتَرِ، ولو فتنوك وافتريتَ، لا تخذوك خليلاً، فلم تُفتَتَنْ، ولا افتريتَ، ولا اتخذوك خليلاً، {وَلَوْلَا أَنْ ثَبَّتْنَاكَ}[الإسراء: ٧٤].
المقام الثامن:{لَقَدْ كِدْتَ تَرْكَنُ إِلَيْهِمْ شَيْئًا قَلِيلاً}[الإسراء: ٧٤]، فأخبر الله سبحانه وتعالى أنه ثبَّته، وقرر التوحيدَ والمعرفةَ في قلبه، وضَرَب عليه سُرادقَ العِصمة، وآواه في كَنَفِ الحُرمة، ولو وَكَلَه إلى نفسِه، ورَفَع عنه ظِلَّ عِصمَتِه لحظةً، لأَلْمَمْتَ بما راموه، ولكنَّا أمرنا عليك المحافظة، وأشرَقْنا بنورِ الهداية فؤادَك، فاستبصَرَ وأزاحَ عنك الباطلَ ودَحَر.
فهذه الآية نصٌّ في عِصمته مِن كلِّ ما نُسب إليه، فكيف يتأوَّلُها أحدٌ عَدْوًا عمَّا نُسب إليه من الباطل إليه؟!.