فإخلاصُ العِبادَةِ للهِ وحدَهُ هُو دَعْوَةُ عامَّةِ الرُّسُل، وأشدُّهُم فيهِ احْتِياطًا خاتمُهُم - صلى الله عليه وسلم -.
ولذا مَنَعَ بعضَ الأمورِ التي كانَتْ مُباحَةً عندَهُم؛ احتياطًا في توحيدِ اللهِ في عبادَتِه جَلَّ وعَلا، فالسجودُ لمخلوقٍ في شريعَتِهِ السَّمْحَةِ كُفْرٌ باللهِ تعالى، معَ أَنَّهُ كانَ جائِزًا في شَرْعِ غيرهِ مِن الرُّسُلِ -عليهِمُ الصَّلاةُ والسَّلامُ-، كما قالَ تعالى عَنْ يَعْقوبَ وأَوْلادِهِ في سُجودِهِمْ لِيوسُفَ:{وَخَرُّوا لَهُ سُجَّدًا}[يوسف: ١٠٠].
ولذلك أُمِرَ نَبِيُّنا - صلى الله عليه وسلم - أنْ يَقولَ للنَّاسِ: إنَّهُ ما أُوْحِيَ إليهِ إلَّا توحيدُ اللهِ تعالى في عِبادَتِه في قولِهِ تعالى: {قُلْ إِنَّمَا يُوحَى إِلَيَّ أَنَّمَا إِلَهُكُمْ إِلَهٌ وَاحِدٌ فَهَلْ أَنْتُمْ مُسْلِمُونَ}[الأنبياء: ١٠٨].
وقد تقرَّرَ عندَ الأصولِيِّينَ والبيانِيِّينَ أَنَّ لفظَ "إنَّما" مِن أدواتِ الحَصْرِ، فدلَّتِ الآيةُ على حَصْرِ الموحَى إليهِ - صلى الله عليه وسلم - في أَصلِهِ الأعظَم الذي هُو "لا إلهَ إلَّا الله"؛ لأنَّها دَعْوَةُ جميعِ الرُّسُلِ وغيرِها مِن شرائعِ الإِسلامِ وفُروعِها التَّابعَةِ لها.