على أطهرِ مَن مَشَى على الأرضِ - صلى الله عليه وسلم -.
بطرس الموقر (١٠٩٤ - ١١٥٦) هذا راهبٌ فِرنسيٌّ، ينتمي إلى "جماعةِ الرهبانية البندكتية" التي شَيَّدت "ديركلوني" عام ٩١٠ في فرنسا، وكان بطرسُ رئيسًا لرهبان "كلوني".
وقد عَمِل "بطرس" في البداية على إنجازِ ترجمةٍ للقرآن إلى اللغةِ اللاتينية، وتمَّت هذه الترجمة عام ١١٤٣ م على يد العالم الإنجليزي "روبرت أوف كيتون" بإيعازٍ من بطرس الموقَّر، وبالإضافةِ إلى ذلك أَمَر بترجمةِ كتابيْن آخريْن، أحدهما عن سيرة النبي - صلى الله عليه وسلم -، والثاني عَرضٌ للنقاط الأساسية في تعاليم العقيدة المحمدية في شكل حوار.
وأخيرًا قام بتاليفِ أربعةِ كتبٍ "ضدَّ الزندقة البغيضة لطائفة المسلمين"، وهذه الأعمالُ التي قام بها هذا "الرجلُ الكلوني" المتحمِّس لا تَرسمُ مجردَ بدايةِ الجَدَلِ الأوروبي ضدَّ الإسلام فحسب، بل أصبَحَتِ المصدَرَ الرئيسي أيضًا للتصوَّرات غيرِ المعقولةِ التي صارت فيما بعدُ مألوفةَ لدى المسيحيين عن حياةِ محمدٍ وتعاليمه، وإلي مؤلَفات "بطرس الموقر" ترجعُ غالبيةُ المؤلَفات الجَدَليةِ العديدةِ التي نشأت في العصر الوسيط ضدَّ الإسلامِ، سواءٌ أكانت نثرًا، أو في شكل شِعريٍّ، أو في صيغةِ أخبارٍ وتقارير حَولَ المناقشاتِ التي جَرَت -زعمًا كان ذلك أو حقيقةً- بين رجالِ الدينِ المسيحيين والمحمَّديين، وفي هذه المناقشاتِ يَظهرُ محمد ليس فقط نبيًّا زائفًا ومضلِّلاً، وإنما أيضًا محتالاً وَضيعًا ومِن عُشَّاق اللذة (١).