أمرِه في مصرَ مندوبًا في "صندوق الدين المصري" ١٨٧٧، ثم ما لَبِث أن عُين بعدَ الاحتلالِ البريطاني مباشرةً -مندوبًا ساميًا، ومعتمَدًا لبريطانيا، وُيهِمُّنا في هذه الدراسة أن نتناولَ آثارَه في مجالِ الفكرِ العربي الإسلامي، ومخطَّطَه الذي سار عليه مِن بَعدِه كل دعاةِ التغريبِ، والذي اتخذته منظَّماتُ التبشيرِ ومعاهدُ الإرساليات وكل مَنِ اشتَرَك في مُخططِ العمل (دستورًا) من أجل تأكيدِ النفوذِ الأجنبيِّ عن طريق الفكر.
° وقد تبلورت حَمْلاتُ "كرومر" في نقاطٍ هامةٍ قليلة:
١ - إثارةُ الشبهاتِ حولَ الإسلام، وذلك بالادعاء بأنه دينٌ مُنافٍ للمدنية، ولم يكن صالحا إلاَّ للبيئةِ والزمانِ اللذَينِ وُجد فيهما.
٢ - أن المسلمين لا يُمكنُهم أن يَرْقَوْا في سُلَّم الحضارةِ والتمدُّنِ إلاَّ بعدَ أن يَتركوا دينَهم وَينبِذوا القرآنَ وأوامرَه ظِهريًّا؛ لأنه يأمرُهم بالخُمولِ والتعصُّب، ويبحث فيهم رُوحَ البُغضِ لمن يُخالفُهم والشِّقاقِ وحُبِّ الانتقام، وأن المانعَ الأعظمَ والعَقبةَ الكؤودَ في سبيل رُقِيِّ الأمةِ هو:"القرآن والإسلام".
٣ - أن الإسلام يُناقضُ مدنيةَ هذا العصرِ من حيثُ المرأةُ والرقيقُ، وأن الإسلامَ يجعلُ المرأةَ في مركز مُنحَطٍّ.
٤ - الطعنُ في شريعةِ الإسلام وسياستِه ومعاملاته.
٥ - أن الشابِّ المصريَّ المسلمَ أثناءَ ممارستِه التعليمَ الأوربي يَفقدُ إسلامَه، أو أَفضلَ قِسمٍ منه، ويَقطعُ حَبْلَ المَرساةِ الذي يَربطُه بمرفإِ إيمانه، وأن الشُّبَّانَ الذين يَتلقُّونَ عُلومَهم في أوربا يَفقِدون صِلَتَهم الثقافيةَ