وكيف دنا الحديدُ إليه حتَّى … يُخالِطَه، ويَلحَقَه أذاه؟
وكيف تمكَّنتْ أيْدي عِدَاهُ … وطالتْ حيث قد صَفَعوا قفاهُ؟
وَهَلْ عاد المسيحُ إلى حياةٍ … أم المُحِيي له ربُّ سِوَاهُ؟
ويا عجبًا لقَبْر ضَمَّ رَبًّا … وأعجبُ منه بطنٌ قد حواهُ!
أقامَ هناك تِسْعًا من شهورٍ … لدى الظُّلَماتِ من حَيْضٍ غِذاهُ!
وشَقَّ الفَرجَ مولودًا صغيرًا … ضعيفاً، فاتِحًا للثَّدْيِ فاهُ!
ويأكلُ ثم يشربُ، ثم يأتي … بلازمِ ذاك، هلْ هذا إلهُ؟
تعالى اللهُ عن إِفْك النَّصارَى … سيُسأل كلُّهمْ عمَّا افتراهُ!
أعُبَّادَ الصَّليبِ لَأيَّ مَعْنىً … يُعظَّمُ أوْ يُقَبَّحُ مَن رماهُ؟
وَهَلْ تقضي العقولُ بغيرِ كسرٍ … وإحراقٍ له، ولِمَنْ بَغاهُ؟
إذا رَكِب الإلهُ عليه كُرْهًا … وقدْ شُدَّت لتسميرٍ يداهُ!
فذاكَ المركَبُ الملعونُ حَقًّا … فدُسْهُ، لا تبُسْه إذ تراهُ
يُهانُ عليه ربُّ الخَلْق طُرًّا … وتعبُدْه!! فإنك مِن عداهُ!
فإِن عَظَّمْته مِن أجَلِ أن قدْ … حوى ربَّ العباد، وقد عَلاهُ!
وقد فُقِد الصليبُ فإِن رأينا … له شكلاً تذكَّرْنا سناهُ!
فهَلاَّ للقبور سجدت طرًّا … لِضَمَّ القبرِ ربَّك في حشاه؟
فيا عبد المسيح أفِقْ فهذاه … بدايتُه، وهذا مُنْتهاهُ (١)
(١) "إغاثة اللهفان من مصايد الشيطان" لابن قيم الجوزية (٢/ ٢٩٠ - ٢٩٢).