لم يَعتذِرِ البابا، وإنما اتَّهَمَنا نحن بقِلَّةِ الفَهم، بل ويطالبُنا أن نَقبَلَ ما قال، وذَكَر أنه يَحترمَ الإسلام، ولكنه في المقابل لم يذكرْ نبيَّ الإسلام، أو يَعتذرْ عما قاله في حقِّه - صلى الله عليه وسلم -، بل تعمَّد تجاهُلَ إهانتِه للنبي بكلماتِه الجارحةِ على مَسمعٍ من العالم أجمعَ، فأين هو الاعتذار؟!.
إن البابا يقول إنه "آسف جدًّا" أن عباراته بَدَت وكأنها هجومية، ولكنه لم يَعتذرْ عن هذه العبارات، أو يَشرحْ لنا كيف يمكنُ ألاَّ تكون هجوميةً .. هو فقط "آسف جدًّا" لِمَا حَدَث .. فأين الاعتذار؟! ومَن قال: إننا -في هذا المقام- نهتمُّ لمشاعره، أو نُعِيرُها أدنى اهتمام؟ إن البابا يستخدم حِيَلَ الإعلام المعروفة في التهرُّب من مواجهةِ النفس، أو مواجهةِ مَن أساء إليهم بطُرقٍ إعلاميةٍ ملتويةٍ وعباراتٍ فَضفاضةٍ، ولا يَليقُ برجل دينٍ في مكانتِه وقدْرِه لمن يَعتنِقون دينَه أن يفعلَ ذلك، إنْ كان قد أخطأَ في وصفِ نبيِّ الأمة الإسلامية بأنه لا يأتِ إلاَّ بالشرِّ، فلماذا لم يَعتذِرْ عن ذلك بوضوح؟ إنه يعالج الإهانةَ الأولى التي جَرحت كرامةَ كلِّ مسلمٍ بإهانةٍ ثانيةٍ تَفترضُ في كلِّ المسلمين الغباءَ أيضًا!.
إنَّ هذا الأمرَ متكرِّرٌ في المواقفِ الغربيةِ تُجاهَ العالَم الإسلامي، فبعد أزمةِ الرسوم المسيئة عن نبيِّ الإسلام، ومطالَبةِ الجميعِ لرئيس الوزراء الدانمركي بالاعتذارِ باسم الحكومة الدانمركية على الإصرار على تصعيد الأزمة، حاوَرَ رئيسُ تحرير صحيفة "الأهرام ويكلي Al Ahram weekly" المصرية التي تَصدرُ باللغة الإنجليزية رئيسَ الوزراء الدانمركي، وحثَّه على الاعتذارِ لإنهاء الأزمة، فما كان من رئيسِ الوزراء إلا أن رد قائلاً: "يُسعدني