للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

العالم وتاريخِه أجمعَ، حتى شَهِد بعَدلِه وبِرِّهِ وإحسانِه وقِسطِه المنصفون من أتباع الديانات، من كاثوليك، وأرثوذكس.

إنها لفرصةٌ تاريخيةٌ لإحياءِ الدعوةِ إلى الإسلام من جديد في العالَم كلِّه، وفضَحِ الدينِ المسيحيِّ في عقيدته وتاريخِه كان من الواجب استغلالُها؛ بنشرِ المؤلَّفات الميسَّرة للذكر والفهم، بكافةِ اللغات، وبالبرامج والمحاضرات والندوات الفضائية المكثَّفة، على نِطاقٍ شاملٍ وواسع؛ لتكونَ تصريحاتُ البابا أداةَ وصولِها إلى الأسماع في الأصقاع.

لكنْ وبدلاً من ذلك، اتَّجه الحلُّ إلى المطالَبة بالاعتذار، واستَنفدَ هؤلاء المُخلِصون جَهدَهم ورأيَهم وكلِمَتَهم فيه، مع تمنُّعٍ وتمتُّعٍ نصرانيٍّ بهذا الإلحاح، ثم لم يَخرجوا من البابا بشيءٍ يُذكر، ففي كلِّ مرةٍ يخرجُ فيها، يُربِّتُ على أكتافِ الغاضبين، يُهدِّئُ من رَوعهم، ويقولُ لهم كمُعلِّم: "هذه الحقيقة، فاسمعوها، ولو غضبتم .. فنحن نعمل على ترشيدكم وترقيتِكم إلى ما هو أسمى"!!.

هذا هو معنى أَسَفِه من سُوءِ فَهم المسلمين كلامَه، وعدم اعتذاره.

لدينا خللٌ في التعاطِي مع المخالِفين، بين مَن لا يَرى إلاَّ السيفَ معهم حلاًّ وحيدًا، وبين مَن لا يَرى سوى التقاربِ والكفِّ حتى عن بيانِ الحق فيهم، تحت ذرائعَ شتى.

لكن أين مَن يقولُ لهم: نحن لا نتعدَّى عليكم، لكنَّ دينَكم باطل .. نحن لا نَظلِمُكم، لكنكم ضالُّون .. نحن نحبُّ لكم الخيرَ، فتعالَوا إلى الإسلام .. أنتم في شقاءٍ، فتعالَوا إلى الراحةِ والنعيم .. أنتم في ضِيقٍ

<<  <  ج: ص:  >  >>