للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

عاقل؛ لهذا قال: {قَدْ بَيَّنَّا لَكُمُ الْآيَاتِ إِنْ كُنْتُمْ تَعْقِلُونَ} [آل عمران: ١١٨] (١).

° وقال القرطبي: "قوله تعالى: {وَمَا تُخْفِي صُدُورُهُمْ أَكْبَرُ}، إخبارٌ وإعلامٌ بأنهم يُبطِنون من البغضاءِ أكثرَ ممَّا يُظهِرون بأفواههم".

وقد ظَهرت في هذه الأيام مِن بعضِ المسلمين اتجاهاتٌ تحاولُ تبرئةَ الكفارِ أعداءِ الله ورسولهِ من كل هذه الأمور التي أثبتها القرآنُ لهم، فزَعَموا أن هذه الأحكامَ كانت في أولِ الأمرِ حين كانت العلاقةُ بين الإسلام وبين مخالِفيه متوتِّرةً، ولكنْ بعدَ استقرارِ الأوضاع عادت العلاقاتُ بين المسلمين وبين مخالفيهم من أهل الكتاب إلى مَجراها الطبيعيِّ من حيثُ التعاونِ من خلال التعدُّدية التي هم عليها، فكانت هذه الاختلافاتُ مَدعاةً للتعاون والتكامُل، وليس التناحرَ والتطاحن.

فها هم يَقفِزون على كلِّ النصوصِ الشرعيةِ وكلِّ حقائقِ التاريخ، في سبيل ترويجِ هذه الفِرية، لكن اللهَ -تعالى- يأبى إلا أن يكشفَ خَطَلَهم وخَلَلَهم من خلالِ الوقائعِ التي لا يُماري في دلالتها إلاَّ الذين لا يَعقلِون.

* فقال -تعالى-: {سَنُرِيهِمْ آيَاتِنَا فِي الْآفَاقِ وَفِي أَنْفُسِهِمْ حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَهُمْ أَنَّهُ الْحَقُّ أَوَلَمْ يَكْفِ بِرَبِّكَ أَنَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدٌ} [فصلت: ٥٣].

فالله -تعالى- يُري الناسَ مِن الدلالاتِ والعلاماتِ التي يتبيَّنُ بها أن ما أخبَرَ به -سبحانه- حقٌّ وصدقٌ لا يَتخلَّف؛ لأنَّه كلامُ مَنْ هو بكل شيءٍ عليم.


(١) "تفسير ابن كثير".

<<  <  ج: ص:  >  >>