وَيزيدُه بشاعةً وشناعة أنه إيذاء من عبيده ومخاليقه، وهم لا يبلغُون أن يؤذوا الله، إنما هذا التعبيرُ يُصوِّرُ الحساسيةَ بإيذاءِ رسوله، وكأنما هو إيذاءٌ لذاته جل وعلا، فما أفظعَ! وما أبشعَ! وما أشنع!.
° قال ابن القيم:"وليس أذاه سبحانه من جِنسِ الأذى الحاصل للمخلوقين، كما أن سُخطَه وغَضبَه وكراهتَه ليست من جنس ما للمخلوقين"(١).
{لَعَنَهُمُ}: "واللعن هو الطردُ من رحمةِ الله سبحانه، والعربُ يقولون: "لَعنتُ الكلبَ"، أي: طردته. وكذلك: "لعنتُ الذئب"، ويُقال للذئب: "اللَّعين".
والذين يؤذون رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ملعونون في الدنيا والآخرة، أي: مطرودون من رحمة الله فيهما، أمَّا الطردُ من رحمة الله في الدنيا، فإنه طرد من دائرة الإيمان الذي هو قرار وأمن في القلوب، وراحة من عذابِ الشكِّ واليأس والحَيرة، والطردُ في الدنيا حرمانُ النفس من المعرفة الذكيةِ في القلوب، وهي معرفةُ الله، ومعرفةُ النفس مَبْدَءً ومعادًا، ثم إنهم في الآخرة لا يُعاقَبون بالطرد من الرحمة فحسب، وإنما يَجدون عذابًا يُهينهم ويَستذلُّهم، قد أعدَّه اللهُ بجلالِه لهم، غضبًا عليهم، واستنكارًا لموقفهم، ونَلحظُ هنا أنهم في الدنيا يُعاقَبون عقوبةً سلبيةً، وهي الطردُ من الرحمةِ فحسب، وفي الآخرة يُعاقَبون عقوبتيْن، عقوبة سلبية، وهي الطرد من الرحمة، وهذه عقوبة قاسيةٌ حين ينظرون إلى الذين فُتحِت لهم أبوابُ الرحمة وهَنئِوا برضوانه سبحانه، ثم هناك عقوبةٌ أُخرى، وهي العذابُ