للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

القرون الوسطى مجموعةً عريضةً وراسخةً من الأفكارِ حولَ الإسلام، التي كانت تتغيَّرُ تدريجيًّا مظاهرُها الخارجيةُ فقط، تَبَعًا لتغيُّرِ الظروف في أوروبا ذاتها، وتبعًا لطبيعةِ علاقاتها ومواقفِها المستجَدَّةِ نسبيًّا مع البلدان الإسلامية وثقافاتِها الحديثة.

° أما مَن ساهَم بالتحديدِ في تشكيل هذه الصورة، فيتحدثُ عنه د. "أليسكي جورافيسكي" في بحثه القيِّم عن الإسلام والمسيحيةِ قائلاً: "إن أدبَ أوروبا القرونِ الوسطى حولَ الإسلام، وضَعَ في غالبيته العظمى مِن طَرَفِ رجالِ الدينِ المسيحيين، الذين استَندوا إلى مصادرَ شديدةِ التمايزِ والتباين، كالحكاياتِ الشعبية، وقَصَصِ الأبطالِ والحُجَّاجِ القديسين، والمولَّفات الجَدَلية -اللاهوتية- الدفاعية للمسيحيين الشرقيين، وشهاداتِ بعض المسلمين، وترجماتِ مفكِّريهم وعلمائهم، كانت المعلومةُ المقدمةُ تنتزعُ في مُعظَمِ الحالات من سياقِها الأصلي، ثم تُقدَّمُ إلى القارئ الأوروبي، وبهذا الشكل شُوِّهَت الوقائعُ بصورةٍ متعمَّدةٍ -واعيةٍ أحيانًا، أو بشكل غيرِ واعٍ في أحيانٍ أخرى في إطارِ البحثِ الحماسيِّ عن حَلٍّ سريعٍ "لمشكلة الإسلام" التي سَيطرت في القرونِ الوسطى على الموضوعاتِ الدينيةِ- الأيديولوجية" (١).

° بشكلٍ عام، تكونت في وعيِ الأوروبيين "في القرون الوسطى" ملامحُ اللوحةِ التاليةِ عن الإسلام: "إنه عقيدة ابتَدَعها محمدٌ، وهي تتَّسمُ


(١) "الإسلام والمسيحية" د. أليسكي جورافيسكي، كتاب رقم ٢١٥ من سلسلة عالم المعرفة، المجلس الوطني للثقافة والفنون والآداب، الكويت، نوفمبر ١٩٩٦ م، (ص ٥٩).

<<  <  ج: ص:  >  >>