للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

° وذَكَر الراهبُ "روبرت" بيتَ المقدس بعد فتحها فقال: "كان قومُنا يَجُوبون الشوارعَ والميادينَ وسُطوحَ المنازل؛ ليَرْوُوا غَلِيلَهم من التقتيل، كانوا كاللبؤات التي خطِفت صِغارُها، يَذبحون الأولاد والشُّبانَ والشيوخَ، ويقطِّعونهم إرَبًا إرَبًا.

كانوا يَشنقون أناسًا كثيرين بحبلٍ واحد بُغيةَ السرعة، ويا للغرابة أن تُذبح تلك الجماعة الكبيرةُ المسلمة بأمضى سلاح، من غيرِ مقاومة!!.

كان قومُنا يَبقرون بطونَ الموتى، ليخرجوا منها قطعًا ذهبية، فكانت الدماءُ تَسيل كالأنهار في طرقِ المدينة المغطَّاةِ بالجثث" (١).

° قال ابنُ الأثير: "قَتلوا بالمسجد الأقصى ما يَزيدُ على سبعين ألفًا، منهم كثيرٌ من أئمةِ المسلمين وعلمائِهم وعُبَّادِهم وزُهَّادهم ممن فارَقَ الأوطان، وجاوَرَ ذلك الموضعَ الشريف" (٢).

° يقول "وليم" أسقف صور: "لقد كان بالفعل حُكمُ اللهِ القويمُ (٣) الذي قَضَى على الذين دنَّسوا حَرَمَ المسيح بطقوسهم الخرافية، وجَعلوه مكانًا غريبًا بالنسبة لأهلِه المؤمنين: أن يُكفروا عن خطاياهم بالموت، وأن يُطهَّروا الأَرَوِقةَ المقدَّسةَ بسَفكِ دمائهم.

وبات من المحالِ النظرُ إلى الأعدادِ الكبيرة للمقتولين دونَ هَلَع، فقد انتَشرت أشلاءُ الجثثِ البشرية في كل مَكان، وكانت الأرضُ ذاتها مُغطَّاةً بدم القتلى، ولم يكن مَشهدُ الجثثِ التي فُصلت الرؤوسُ عنها والأضلاعِ


(١) "حضارة العرب" لغوستاف لوبون (ص ٣٢٥).
(٢) "الكامل في التاريخ" (٨/ ١٨٩).
(٣) بل هو -واللهِ- حُكمُ الشيطان الرجيم.

<<  <  ج: ص:  >  >>