عن أبيه والزوجةُ عن زوجها في متاهةٍ مُظلِمةٍ تَلفُّها الأعاصير، وربما تجاوزَ عددُ الذين أُرغموا على تركِ منازلهم ١.٥ مليون (١).
وحاصر الصربُ عددًا من المُدن كان من أهمها "سراييفو"، وعَطَّلوا الكهرباءَ والمياهَ ومصادرَ الحياة لينشروا الموتَ والهلاكَ فيها.
كل هذا يتم على مَسمَع ومرأَى العالَم المتحضرِ الذي يتحدثُ في مؤسساته عن حقوقِ الإنسان، هذه المؤسساتُ المتحضرةُ التي تغضبُ وتَشغلُ العالَمَ بسبب خطفِ رجلٍ أو بِضعةِ رجال، إنها تَغضبُ وتَعتبرُ هذا إخلالاً بحقوقِ الإنسان، وتعتبرُ إسقاطَ طائرةٍ هنا جريمةً كبيرةَ وإسقاطَها هناك مسألةً بسيطةً .. قضيةُ رجل أَو طائرةٍ تستدعي الحصارَ والحربَ والويلَ والثبور، وقضيَّةُ شعبٍ كاملٍ يبادُ لا يستدعي التدخلَ العسكريَّ، ولا الغضبةَ الإنسانيةَ، ولا تَحَرُّك لِجانِ حقوقِ الإنسان:
قَتلُ امريءٍ في غابة … جَريمةٌ لا تُغْتَفَرْ
وقتلُ شَعبٍ آمِنٍ … مَسْألةٌ فيها نَظَرْ
عالَم كأنَّما تموجُ به الوحوشُ الضواري والأفاعي والذئابُ والثعالبُ، ويَطْلُعُ هؤلاء بمبادئَ برَّاقةٍ كل يوم: حقوق الإنسان، النظام العالَمي الجديد، الديمقراطية، الحرية، حرية الأديان.
في بلاد المسلمين يجبُ إعطاءُ المسيحي حُريةَ دينهِ وإقامةَ كنائسَ ولو لم يكن من أهل البلاد، إذا مَنعتَ ذلك فهذه جريمةٌ كبيرةٌ واعتداءٌ على حقوق الإنسان وحرية العبادة، وأنت لا تمنعُه عادةً إلا بصورةٍ قانونيةٍ، أو