للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

° قال المِسْورُ بنُ مَخْرمة -وهو ابنُ أختِ أبي جهل- لأبي جهل: "يا خالي، هل كنتم تتَّهِمون مُحَمَّدًا بالكذِب قبلَ أن يقولَ ما قال؟ فقال: يا ابنَ أختي، واللهِ لقد كان محمدٌ فينا وهو شابٌّ يُدعَى "الأمين"، فما جرَّبنا عليه كَذِبًا قطُّ. قال: يا خال، فما لكم لا تتَّبعونه؟! قال: يا ابن أختي، تنازَعْنا نحن وبنو هاشم الشرفَ، فأطعَموا وأطعَمْنا، وسَقَوا وسَقَيْنا، وأجارُوا وأَجَرْنا، حتى إذا تجاثَيْنا على الرُّكَب -وكنَّا كفَرَسَيْ رهانٍ- قالوا: "مِنَّا نبيٌّ"، فمتى نُدرِك مثلَ هذه؟ ".

° وقال الأخنسُ بنُ شَريق يومَ بدرٍ لأبي جهل: "يا أبا الحكم، أخبِرْني عن محمدٍ، أصادِقٌ هو أمْ كاذبٌ، فإنه ليس ها هنا من قريش أحدٌ غيري وغيرُك يسمعُ كلامنا؟ فقال أبو جهل: وَيحك! واللهِ إن محمَّدًا لصادق، وما كَذَب محمدٌ قط، ولكنْ إذا ذهبتْ بنو قُصَيٍّ باللواءِ والحِجابةِ والسِّقايةِ والنُّبوَّة، فماذا يكون لسائِر قريش؟ " (١).

° وروى البيهقي بسنده عن ابن إسحاقَ: حَدثَني الزُّهريُّ قال: حُدِّثتُ أنَّ أبا جهل وأبا سفيان والأخنسَ بنَ شَريق خَرَجوا ليلةً ليسمعوا من رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وهو يُصلِّي بالليل في بيته، فأخذ كلُّ رجل منهم مجلسًا ليستمع منه، وكلٌّ لا يعلمُ بمكانِ صاحبه، فباتوا يستمعون له، حتى إذا أصبحوا وطَلَعَ الفجر تفرَّقوا، فجمعهم الطريقُ فتلاوَموا، وقال بعضُهم لبعض: لا تعودوا، فلو رآكم بعضُ سفهائِكم لأوقعتم في نفسِه شيئًا. ثم انصرفوا .. حتى إذا كانت الليلةُ الثانيةُ عاد كلُّ رجل منهم إلى مجلسِه،


(١) "هداية الحيارى في أجوبة اليهود والنصارى" لابن قيم الجوزية (ص ٥٠ - ٥١) - دار الريَّان للتراث - القاهرة.

<<  <  ج: ص:  >  >>