° وقال ابن زيد:"قال أبو جهل: إن محمدًا ليُوعِدُني، وأنا أعزُّ أهل مكة والبَطحاء".
وكم من أبي جهل في تاريخ الدعوات يعتزُّ بعشيرته وبقوَّته وبسُلطانه، ويَحسبها شيئًا؟ ويَنْسَى اللهَ وأَخْذَه، حتى يأخذَه أهونَ من بعوضةٍ، وأحقرَ من ذُبابة .. إنما هو الأجلُ الموعود، لا يَستقدمُ لحظةً ولا يَستأخِر.
° يا عدوُّ الله، تتمطَّى ومِلءَ بطنِك الخُرء!!، أولّك نُطفةٌ مَذِرة، وآخِرُك جِيفةٌ قَذِرة، وأنت بين هذا وذاك تحمِلُ العَذِرة .. جَدُّك البعيد ترابٌ ذليل، وأبوك القريب ماءٌ مَهين، وأنت خَرجْتَ من مجرى البول مرتين ..
تَبرُزُ صورةُ عدوِّ الله أبي جهل الطاغي الذي طغى وفَجَر، وبَغَى وتكبَّر، وأبطره الغنى، وهي صورةُ اللئيم الصغيرِ النفسِ الحقير، الهابط الذي يُؤتَى المالَ فتسيطر نفسُه به، حتى ما يُطيق نفسَه! ويروحُ يَشعرُ أن المالَ هو القيمةُ العليا في الحياة .. القيمة التي تَهُونُ أمامَها جميعُ القيم وجميعُ الأقدار: أقدارُ الناس، وأقدارُ المعاني، وأقدارُ الحقائق .. وتنطلقُ في كِيانه نفخةٌ فاجرة.