{أَرَأَيْتَ إِن كذبَ وَتَوَلَّى}: أرأيت إن كَذَّب أبو جهل بالحق الذي بَعَث به محمدًا {وَتَوَلَّى}، وأدبر عنه فلم يصدق به" (١)!!.
وهكذا يُضيفُ اللئيمُ أبو جهل إلى الفِعلةَ الستنكَرة فِعْلَةً أخرى أشدَّ نُكرًا.
{أَلَمْ يَعْلَم بِأَنَّ اللهَ يَرَى}: ألم يعلم أبو جهل إذْ ينْهَى محمدًا عن عبادة ربه والصلاة له، بأن الله يراه، فيخافَ سطوتَه وعقابَه؟!!.
{كَلاَّ}: ليس كما يقول: "إنه يَطأُ عُنُقَ محمد"، لا يَقدرُ على ذلك، ولا يَصلُ إليه .. {لَئِن لَّمْ يَنتَهِ}: لئن لم ينته أبو جهل عن محمدٍ {لَنَسْفَعًا بِالنَّاصِيَةِ}: لنأخذنَّ بمقدَّم رأسه، فلنُضِيمنَّه، ولنُذِلَّنَه .. يُقال منه: سَفَعتُ بيده، إذا أخذتُ بيده، وقيل:{لَنَسْفَعًا بِالنَّاصِيَةِ}، المعنى: لنُسوِّدَنَّ وجهَه، فاكْتُفِيَ بذِكرِ الناصية من الوجه كلِّه، إذْ كانت الناصيةُ في مُقدَّم الوجه.
وقيل: معنى ذلك: لنأخُذَنَّ بناصيتِه إلى النار، كما قال:{فَيُؤْخَذُ بِالنَّوَاصِي وَالأقْدَامِ}[الرحمن: ٤١].
والسَّفْعُ: القبضُ الشديد بجَذْبٍ، والناصية: مقدَّم شعرِ الرأس، وفيه إذلالٌ؛ لأنهم كانوا لا يَقبِضون على شعرِ رأسِ أحدٍ إلاَّ لِضَرْبِه أوْ جَرِّه، وأكَّد ذلك السَّفْعَ بالباء المزيدة الداخلة على المفعول لتأكيد اللصوق.
يا سبحان الله، أعلى مكانٍ يرفعُه الطاغيةُ المتكبِّر مُقدَّمُ الرأس المتشامخ، إنها ناصيةٌ تستحقُّ السَّفعَ والصَّرْعَ {نَاصِيَةٍ كَاذِبَةٍ خَاطِئَةٍ}، لكأنَّ الكذبَ والخِطْءَ باديانِ من ناصيتِه، فكانت الناصيةُ جديرةً بالسَّفْع. والمعنى لصاحبها.