حُسب الرملُ ذلك اليومَ تِبْرًا … يُنبِتُ الحُلمَ في عيونِ الرائي
فسهولُ الحجازِ بحرٌ نُضارٌ … مِن نثيرِ السبائِكِ الصفراءِ
ضَحِك السَّبْسَبُ الخليُّ وشَقَّت … أنمُلُ الوردِ صفحةَ الدهناءِ
ذاك عُرسُ الدنيا ولا غَرْوَ أنْ … بَثَّتْ صلاها ونمنمت في الكساءِ
رَحَّبت بالوليدِ جاء يتيمًا … فهو والفقرُ توأمٌ في رِداءِ
يا فقيرًا ودونَه الشمسُ عزًّا … سوف تعلُو مناكبَ الجَوزاءِ
خَلفَك النسرُ والسُّها والثريَّا … سائراتٌ في الركبِ سَيْرَ الإماءِ
فقرُ كفٍّ والنَّفسُ كنزٌ خَلودٌ … هكذا كان مولدَ الأنبياءِ
* * *
° وقال فيها (ص ٥٤) تحت عنوان "البعثة":
وأشبَّ الغلامُ فامتدَّ صِيتًا … كامتدادِ الشُّعاع في الدَّيجورِ
طَبعُه الصدقُ والأمانةُ فالآ … راءُ تَهدي هَدْيَ الصباحِ المنيرِ
واصطفته خديجةُ لاتِّجارٍ … عاد منه والربحُ فَيضُ بحورِ
فاصطفته لنفسِها فحَبَاها … شَرفًا أن تكونَ فوقَ الحُورِ
كلَّ عامٍ يرتادُ غارَ حِراءٍ … مُفعَمَ الروحِ مُلهَمَ التفكيرِ
يُرسِلُ الطرْفَ في السماءِ كلامًا … ليس تجلُوه صَنعةُ التعبيرِ
ذلك الصمتُ دونَه جهرُ موسى … بالدعاءِ الحميم فوقَ الطُّورِ
فالصلاةُ الصلاةُ خفقةُ قلبٍ … وهُيامٌ مُغلغَلٌ في الشعورِ
قال عيسى مُلكُ الإله لديكم … لو نَبَشتمُ عن كَنزِه في الصدورِ
* * *