شِئنا رسولاً، ومَنْ أردْنا صِدِّيقًا". ونتَّخذ من أردنا خليلاً، كما قَسَمْنا بينهم معيشتَهم التي يعيشون بها في حياتهم الدنيا من الأرزاق والأقوات، فجعلنا بعضَهم فيها أرفعَ من بعض درجةً بأنْ جَعَلنا هذا غنيًّا وهذا فقيرًا، وهذا مَلِكًا وهذا مملوكًا؛ {لِّيَتَّخِذَ بَعْضُهُم بَعْضا سُخْرِيًّا}، يعني بذلك العبيدَ والخَدَم سَخَّرهم لهم.
{اللهُ أَعْلَمُ حَيْث يَجْعَل رِسَالَتَهُ}، وقد جَعَلها حيث عَلِم، واختار لها أكرمَ خَلقِه وأخلَصَهم، وجعل الرسلَ هم ذلك الرَّهْطَ الكريمَ، حتى انتهت إلى محمدٍ خيرِ خلقِ الله وخاتمِ النبيين ..
تتباهى بك العصورُ وتسمو … بِك عَلياءٌ دونها علياءُ
أنت مصباحُ كلِّ فضلٍ فما … يَصدُرُ إلاَّ عن ضوئك الأضواءُ
{سَيُصيِبُ الَّذِينَ أَجْرَموا صَغَارٌ عِندَ الله وَعَذَابٌ شَدِيدٌ بِمَا كَانُوا يَمْكرُونَ}، والصَّغار هو: أشدُّ الذُّلِّ، يُقابِلُ الاستعلاءَ عند الأتباع، والاستكبارَ عن الحق، والتطاولَ إلى مقامِ رسل الله! والعذابُ الشديد يُقابل الكرَ الشديد، فالعِداء للرسل، والأذى للمؤمنين، وصَدَق الله إذ يقول: