ويَخدُمه، فنزل في مَجمع، فأمره أن يصنَع له طعامًا، ونام نصف النهار، فاستيقظ والخزاعيُّ نائمٌ ولم يَصنْع له شيئًا فاغتاظ عليه، فضربه فلم يُقْلعْ عنه حتى قَتَله، فلما قَتَله قال: واللهِ لَيَقتُلَنِّي محمدٌّ به إن جِئتُه، فارتدَّ عن الإسلام، وساق ما أخذه من الصدقةِ وهَرَب إلى مكة، فقال له أهلُ مكة: ما ردَّك إلينا؟ قال: لَم أجِدْ دينًا خيرًا من دينكم، فأقام على شِرْكِه، فكانت له قَينتانِ .. وكانتا فاسقتين، وكان يقولُ الشِّعرَ يهجُو رسولَ الله - صلى الله عليه وسلم - ويأمُرهما تُغنِّيانِ به، فيدخلُ عليه وعلى قَينتيه المشركون فيشربون الخمرَ، وتُغنَّي القينتان بذلك الهجاء.
وكانت سارةُ مولاةُ عمرو بن هاشم مغنيةً نَوَّاحةً بمكة، يُلقى عليها هجاءَ النبي - صلى الله عليه وسلم - فتغني به، وكانت قد قَدِمت على رسول الله - صلى الله عليه وسلم - تطلُب أن يَصِلها، وشَكَت الحاجة، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "مَا كانَ لَكِ في غِنَائِكِ وَنِيَاحَتِكِ مَا يَكْفِيْكِ؟ " فقالت: يا محمد، إن قريشًا منذ قُتل من قُتل منهم ببدرٍ تركوا استماعَ الغِناء، فوصَلَها رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم -، وأوقر لها بعيرًا طعامًا، فرجَعَت إلى قريش، وهي على دينها، فأمر بها رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم - يومَ الفتح أن تُقْتَل، فقُتلت يومئذٍ.
وأما القينتانِ، فأمر رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم - بقَتلهما، فقُتلت إحداهما: أَرْنَب أو قُريبة، وأما فَرْتنى، فاستؤمن لها حتى آمنت، وعاشت حتى كُسِر ضِلع من أضلاعها زمنَ عثمان - رضي الله عنه - فماتت، فقضى فيه عثمان - رضي الله عنه - ثمانيةَ آلاف درهم دِيتها، وألفين تغليظًا للجُرم (١).