للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

مكة إلاَّ مَن كان له جُرمٌ مثلُ جرمِه ونحو ذلك.

ومن ذلك أبو سفيان بن الحارث بن عبد المطلب، قصَّتُه في هجائه للنبي - صلى الله عليه وسلم - وفي إعراضِ النبي - صلى الله عليه وسلم - عنه لَمَّا جاءه مسلمًا مشهورةٌ ومستفيضةٌ.

° فوجه الدلالة: أنه ندر دمَ أبي سفيان بن الحارث دون غيره من صناديدِ المشركين الذين كانوا أشدَّ تأثيرًا في الجهاد باليد والمال، وهو قادمٌ إلى مكة لا يريدُ أن يَسْفِكَ دماءَ أهلها، بل يَستعطفُهم على الإسلام، ولم يكن لذلك سببٌ يختصُّ بأبي سفيان إلاَّ الهجاء، ثُمَّ جاء مسلمًا، وهو يُعْرِض عنه هذا الإعراضَ، وكان من شأنه أن يتألَّفَ الأباعدَ على الإِسلام، فكيف بعشيرته الأقربين؟ كلُّ ذلك بسبب هَتكِه عرضَه كما هو مفسَّرٌ في الحديث.

• وقد عفَى عنه النبيُّ - صلى الله عليه وسلم - لما قال: "واللهِ لَيقبلَنَّ مني، أو لآخُذَنَّ بيد ابني هذا فلأذهبَنَّ في الأرض حتى أهلِكَ عطشًا وجُوعًا، وأنت أحلمُ الناس وأكرمُ الناس مع رَحِمي بك"، فرقَّ له رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم -.

* قِصَّةُ الحُويرثِ بنِ نُقيد:

ومِن ذلك أنه أَمَر يومَ الفتح بقَتل الحُويرث بن نُقَيد، وهو معروف عند أهل السِّير، قال موسى بن عقبة في "مغازيه" عن الزهري -وهي من أصحِّ المغازي؛ كان مالك يقول: "مَن أحبَّ أن يكتبَ المغازي فعليه بمغازي الرجلِ الصالح موسى بن عقبة"- قال: وأَمَرهم رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم - أن يكفُّوا أيديَهم، فلا يُقاتِلوا أحدًا إلاَّ مَن قاتَلهم، وأَمَرهم بقتل أربعةِ نفر، منهم: الحويرثُ ابن نُقَيْد (١).


(١) "مغازي الواقدي" (٢/ ٨٢٥)، و"الطبقات الكبرى" لابن سعد (٢/ ١٣٦)، و"تاريخ الطبري" (٣/ ٥٨).

<<  <  ج: ص:  >  >>