للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بأيدينا هو القتلُ؛ فيكون الناكثُ الطاعنُ مستحقًّا للقتل، والسابُّ لرسول الله - صلى الله عليه وسلم - ناكثٌ طاعنٌ كما تَقدَّم؛ فيَستحقُّ القَتْلَ، وإنما ذكر سبحانه النصرَ عليهم وأنه يتوبُ من بعدِ ذلك على مَن يشاء؛ لأنَّ الكلام في قتالِ الطائفةِ الممتنعة، فأما الواحدُ المستحقُّ للقتل، فلا ينقسمُ حتى يقال فيه: "يعذبُه اللهُ، ويتوبُ اللهُ مِن بعد ذلك على مَن يشاء"، على أن قولَه: {مَنْ يشاءُ} يجوزُ أن يكون عائدًا إلى مَنْ لم يَطعنْ بنفسه وإنما أقَرَّ الطاعن؛ فسُمِّيت الفئةُ طاعنةً لذلك، وعند التمييز فبعضُهم رِدْءٌ (١)، وبعضُهم مباشر، ولا يَلزمُ من التوبةِ على الرِّدْءِ التوبةُ على المباشر، ألَا ترى أن النبي - صلى الله عليه وسلم - أهْدَرَ عام الفتح دَمَ الذين باشروا الهجاءَ، ولم يُهْدِرْ دَمَ الذين سمعوه، وأهدَرَ دَمَ


= بلفظ: " … إلا سُلِّط عليهم عدوُّهم". قال الهيثمي في "مجمع الزوائد" (٣/ ٦٨): "وفيه إسحاق بن عبد الله بن كيسان المروزي، لَينه الحاكم، وبقية رجاله موثقون وفيهم كلام".
وأما حديث ابن عمر فقد أخرجه ابن ماجه في كتاب "الفتن"- باب العقوبات (٢/ ٣٣٢ ١ ح ١٩ ٤٠). وقال البوصيري في "الزوائد" -على إسناد ابن ماجه-: "هذا حديث صالح للعمل به، وقد اختلفوا في ابن أبي مالك وأبيه" اهـ. وأخرجه الحاكم في "المستدرك" (٤/ ٥٤٥) بلفظ: "ولم ينقضوا عهدَ الله وعهدَ رسوله، إلا سُلط عليهم عدوهم". قال الحاكم: "هذا حديث صحيح الإسناد" ووافقه الذهبي.
وأما حديث بريدة فقد أخرجه الحاكم في "المستدرك" (٢/ ١٢٦) بلفظ: "ما نقض قوم العهد إلاَّ كان القتلُ بينهم "؛ والبيهقي في "السنن الكبرى" (٣/ ٣٤٦)، (٩/ ٢٣١).
وقال عنه الحاكم: "صحيح على شرط مسلم"، ووافقه الذهبي، وقال الهيثمي في "مجمع الزوائد" (٧/ ٢٧٢): "روه البزار ورجاله رجال الصحيح غير رجاء بن محمد وهو ثقة"، وقال الألباني في "سلسلة الأحاديث الصحيحة" (١/ ١٦٩ - ٧١ ١ ح ١٠٧): "وبالجملة فالحديث بهذه الطرق والشواهد صحيح بلا ريب".
(١) الرِّدْء -بكسر الراء-: المُعين والناصر.

<<  <  ج: ص:  >  >>