° قال إسحاقُ بن رَاهويَة: إن أظهروا سَبَّ رسولِ الله - صلى الله عليه وسلم - فسُمعَ منهم ذلك -أو تُحُقَّق عليهم-، قُتِلوا، وأخطأَ هؤلاء الذين قالوا:"ما هم فيه من الشرك أعظمُ من سَبِّ رسولِ الله - صلى الله عليه وسلم - ".
° قال إسحاق:"يُقتلون؛ لأن ذلك نَقضٌ للعهد"، وكذلك فَعل عمرُ بنُ عبد العزيز، ولا شبهةَ في ذلك؛ لأنه يَصيرُ بذلك ناقضًا للصلح، وهو كما قَتل ابن عمرَ الراهبَ الذي سَبَّ النبيَّ - صلى الله عليه وسلم -، وقال:"ما على هذا صالحناهم".
وكذلك نصَّ الإمامُ أحمدُ على وجوبِ قتلِه وانتقاضِ عهده، وقد تقدَّم بعضُ نصوصِه في ذلك، وكذلك نَصَّ عامةُ أصحابِه على وجوب قَتل هذا السابِّ، ذكروه بخصوصه في مواضعَ هكذا، وذكروه أيضًا في جُملةِ ناقِضِي العهدِ من أهل الذمة.
ثم المتقدِّمون منهم وطوائفُ من المتأخرين قالوا: إن هذا وغيرَه من ناقِضِي العهدِ يتعيَّنُ قتلُهم -كما دلَّ عليه كلامُ أحمد-.
وذَكَر طوائفُ منهم أن الإمامَ مُخيَّر فيمن نَقض العهدَ من أهل الذمة، كما يُخيَّرُ في الأسير بين الاسترقاقِ والقتل والمَنِّ والفِداء، ويجبُ عليه فِعلُ الأصلح للأمةِ من هذه الأربعةِ بعد أن ذكروه في الناقِضين للعهد، فدَخَل هذا السابُّ في عمومِ هذا الكلام وإطلاقه، وأوجَبَ أن يُقال فيه بالتخيير إذا قيل به في غيرِه من ناقِضي العهد، لكن قَيَّد محقِّقو أصحابِ هذه الطريقة ورؤوسُهم -مثلُ القاضي أبي يعلى في كتبه المتأخرة (١) وغيره- هذا الكلام،
(١) من كتبه المتأخِّرة: كتاب "الخلاف" وهو آخر ما صنَّفه -رحمه الله-.