وكلُّ جنايةٍ وَجَب تطهيرُ الأرض منها بحَسَبِ القُدرةٍ، تتعيَّنُ عقوبةُ فاعلِها العقوبةَ المُحَدَّدةَ في الشرع إذا لم يكن لها مستحقٌّ مُعيَّن، فوجب أن يتعيَّن قتلُ هذا؛ لأنه ليس لهذه الجنايةِ مستحقٌّ معيَّن؛ لأنه تعلَّق بها حقُّ الله ورسوله وجميع المؤمنين، وبهذا يَظهرُ الفَرقُ بين السَّابِّ وبين الكافر، لجوازِ إقرارِ ذلك على كفره مُسْتَخْفِيًا به ملتزمًا حكمَ الله ورسوله، بخلافِ المُظْهر للسَّبِّ.
الدليل العاشر: أَنَّ قتلَ سابِّ النبي - صلى الله عليه وسلم - وإن كان قَتْلَ كافِرٍ-، فهو حدٌّ من الحدود، ليس قتلاً على مجرَّد الكفرِ والحراب، لِمَا تقدَّم من الأحاديثِ الدالَّةِ على أنه جنايةٌ زائدةٌ على مجرَّد الكفرِ والمحاربة، ومن أنَّ النبيَّ - صلى الله عليه وسلم - وأصحابَه أمَروا فيه بالقتل عيْنًا وليس هذا موجِبَ الكُفرِ والمعاينة، ولِمَا تقدَّم من قولِ الصِّدِّيقِ - رضي الله عنه - في التي سبَّت النبي - صلى الله عليه وسلم -: "إنَّ حدَّ الأنبياءِ ليس يُشبِهُ الحدود"، ومعلومٌ أن قَتْلَ الأسيرِ الحربيِّ ونحوِه من الكفار والمحارِبين لا يُسَمَّى "حَدًّا"، ولأن ظهورَ سبِّه في ديار المسلمين فسادٌ عظيمٌ أعظمُ من جرائمَ كثيرةٍ؛ فلابدَّ أن يُشرعَ له حدٌّ يُزجَرُ عنه مَن يتعاطاه، فإن الشارعَ لا يُهمِلُ مثلَ هذه المفاسد، ولا يُخْليها من الزواجر، وقد ثبت أن حدَّه القتلُ بالسُّنَّة والإجماع، وهو حَدٌّ لغيرِ مُعيَّنٍ حيٍّ، لأن الحقَّ فيه لله تعالى ولرسوله - صلى الله عليه وسلم - وهو ميِّت- ولكلِّ مؤمن، وكُلُّ حَدٍّ يكونُ بهذه المثابةِ، فإنه يتعيَّنُ إقامتُه بالاتفاق.
الدليل الحادي عشر: أنَّ نصرَ رسولِ الله - صلى الله عليه وسلم - وتعزيرَه وتوقيرَه واجبٌ، وقتلَ سابِّه مشروع، فلو جاز تركُ قتلِه لَم يكنْ ذلك نَصرًا له ولا تعزيرًا ولا