للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

واهب، فقال: يا معشرَ العرب، ما أنزلكم هذه البلادَ، فإنها تسرحُ الأُسْدُ فيها كما تسرحُ الغنم، فقال لنا أبو لهب: إنكم قد عرفتم كبَرَ سنِّي وحَقِّي، وإن هذا الرجل قد دعا على ابني دعوة، واللهِ ما آمنُها عليه، فأجمِعوا متاعَكم إلى هذه الصومعة، وافرِشوا لابني عليها، ثم افرِشوا حولها، ففعلنا، فجاء الأسد فشمَّ وجوهَنا، فلما لم يَجِدْ ما يريدُ، تَقبَّضَ فوثب، فإذا هو فوق المتاع، فشمَّ وجهه، ثم هَزَمه هَزْمةً (١)، ففضخ (٢) رأسه، فقال أبو لهب: قد عرفتُ أنه لا ينفلتُ عن دعوة محمد".

فانظر أخي يرحمك الله، لما تَفَل في وجه رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أتى الأسدُ، فشمَّ وجهَه، وفضخ رأسه، لم يأكلْه من يديه أو رجليه، وإنما وجه بوجهٍ.

بَصْقٌ في وجهِ نبيٍّ، وفَضْحٌ في رأسِ شقيٍّ، ومعذرةٌ لرسول الله - صلى الله عليه وسلم -.

أَلَمْ تَرَ أن السَّيفَ يَنقُصُ قَدْرُه … إذا قيل: إنَّ السَّيفَ أمضى من العصا؟!

فابن أبي لهب لا يناسبه إلا كلب (٣).

° قال حسان بن ثابت - رضي الله عنه - في قصة الأسد مع أبي واسمع عُتَيْبَة بن أبي لهب:

سائِلْ بني الأَشْعَرِ إنْ جئتَهُم … ما كان أنباءُ أبي وَاسِع (٤)


(١) أي: ضربه ضربة.
(٢) أي: شدخه.
(٣) قال القاسمي في "محاسن التأويل" (١٧/ ٦٢٩٢): ومنه يُعلَم أن الأسد يُطلقَ عليه كلب، ولما أُضيف إلى الله؛ كأنه أعظم أفراده.
(٤) بني الأشعر: يعني الأشعريين، وقال بعض الناس: خرج عتبة إلى ناحية اليمن إلى سوق حباشة، ومن قال سائل بن الأصفر قال خرج عُتيبة إلى حوران.

<<  <  ج: ص:  >  >>