• وعند ابن جريرٍ: عن أيِّد بنِ أبي حبيبٍ قال: "وبَعَث عبدَ الله بنَ حذافةَ بن قيس إلى كسرى بن هرمز مَلِكِ فارس، وكتب معه: بسم الله الرحمن الرحيم .. من محمد رسول الله، إلى كسرى عظيم فارس .. سلامٌ على مَنِ اتَبع الهدى، وآمَنَ باللهً ورسوله، وشَهِد أَنْ لا إلهَ إلاَّ الله، وحدَه لا شريك له، وأنَ محمدًا عبدُه ورسوله، أدعوك بدُعاء الله، فإني أنا رسولُ الله إلى الناس كافَّةً؛ لأُنذرَ مَن كان حيًّا، ويَحِقَّ القولُ عَلى الكافرين، فإن تُسلمْ تَسْلَمْ، وإن أبَيْتَ، فإنَّ إثمَ المجوسِ عليك".
قال: فلما قرأه شَقَّه، وقال: يَكتب إلي بهذا وهو عبدي!! قال: ثم كَتب كِسرى إلى باذان -وهو نائبه على اليمن- أنِ ابعَثْ إلى هذا الرجل بالحجاز رجُلَينِ من عندك، جَلْدَينِ، فلْيأتياني به .. فبعث باذان قَهرمانَه -وكان كاتبًا حاسبًا بكتاب فارس-، وبَحَث معه رجلاً من الفرس يقال له:"خُرخُرة"، وكَتب معهما إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يأمرة أن ينصرفَ معهما إلى كسرى، وقال لباذَوَيه: ائتِ بلادَ هذا الرجل، وكَلِّمْه وائتني بخبره .. فخرجا حتى قَدِما الطائفَ، فوجدَا رجلاً من قريشٍ في أرضِ الطائف، فسألوه عنه، فقال: هو بالمدينة، واستبشَرَ أهل الطائف -يعني وقريش- بهما وفرِحوا، وقال بعضهم لبعض: أبشِروا، فقد نَصَبَ له كسرى مَلِكُ الملوك، وكُفيتمُ الرجل، فخرجا حتى قَدِما على رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فكَلَّمه باذَويه، فقال: شاهنشاه -مَلِكُ الملوك- كسرى قد كتب إلى المَلِكِ باذانَ؛ يأمرُه أن يَبعث إليك من يأتيه بك، وقد بَعَثني إليك؛ تنطلقَ معي، فإن فعلتَ كَتَب لك إلى مَلكِ الملوك يَكُفُّه عنك، وإنْ أبيتَ، فهو مَن قد علمتَ، فهو مُهلِكُك ومهلِكٌ قومَك، ومُخرِّبٌ بلادَك .. ودخلَا على رسول الله - صلى الله عليه وسلم -