للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَافَاهُ في صَحْبَهِ يُدنِي الخُطَى عَبِقًا … كأنه ذاتُ دَلٍّ زَانها هَيَفُ (١)

قالوا أتمشِي إلى شِعبِ العجوزِ ففي … هذا الخلاء جنًى للنفس يُخْتَرفُ (٢)

وَانْظُرْ إلى القمرِ الزاهِي وبَهجتِه … وَاعْجَبْ له بعد هذا كيفَ يَنكسِفُ

* * *

ساروا إلى الشِّعبِ والأقدارُ تَتبعُهم … على هُدى اللهِ ما زَاغْت ولا اعْتَسَفوا

حتى إذا قعدوا ظَلتْ بموقِفها … وَأَقْبَلَ الموتُ عن أيمانِها يَقِفُ

وتِلكَ كفُّ أخيهِ فَوْقَ مَفْرقِه … كأنها من جَنيِّ الزهرِ تَقتَطِفُ

يَشُمها ويقولُ القولَ يَخدَعُه … في الطيبِ وَهْوَ له من خلفهِ هَدَفُ

ظَلتْ سيوفُ رسولِ اللهِ تأخذُهُ … تَشُقُّ ما ضربت منه وتَنْتَقِفُ (٣)

يا حُسنَها صَيحةً مِن فيه يُرسِلُها … كادتْ تَخِرُّ لها من دارهِ السقُفُ

لم تستطع عُرْسُه صَبْرًا فجاوَبها … صَوْتٌ يُجِلجِلُ أودَى السيدُ اللقِفُ (٤)

بَنِي قَريظةَ هُبُّوا من مَضَاجِعكم … بني النضيرِ انْفِرُوا للثأرِ وَازْدَلِفُوا

عَدا الرجالُ على كعبٍ فوالهفا … أين الحُماةُ وماذا يَصنع اللهَفُ

تَبكِي عليه وماذا بعدَ مصرعِه … إلا البكاءُ وإلا الأدمعُ الذُّرُفُ

إن الذي كان يَثْنِي عِطفَهُ صَلَفًا … أمسى صَرِيعًا فلا كبْرٌ ولا صَلَفُ


(١) العَبِق: الذى تفوح منه رائحة الطيب. والدلُّ: الدلال، والهَيف: ضمور البطن ورقَّة الخَصرْ.
(٢) اخترف الثمر: جناه.
(٣) نَقَفَ الشيءَ أو انْتَقَفَهُ، بمعنى: شقه، وكان محمد بن مسلمة ابن أخيه من هذه الناحية.
(٤) العرس: امرأة الرجل. واللقف: الحاذق.

<<  <  ج: ص:  >  >>