للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

سيفَه في بطنِه حتى أنفذه، كما تحامَلَ عليه بالسيف عبدُ الله بنُ أُنيس في بطنه حتى أنفذه، وسلامٌ يقول: قَطْنِي .. قَطْنِي، أي حَسْبي حَسْبي.

وخرج أفرادُ السَّرية من حُجرة سَلام، وكان عبدُ الله بن عَتِيك سَيِّئ البصر، فوقع من الدرجة فَوُثِئَتْ (١) رِجلُه وثئًا شديدًا، فحَمَله أصحابُه حتى أتوا منْهَرًا من مناهِرِهم (٢)، فدخلوا فيه واستتروا.

وخَرَج أهلُ الآطام، وأوقدوا النيرانَ في كلِّ وجهٍ، فلما يئِسوا رجعوا إلى آطامهم.

وقال أفرادُ السَّرية: "كيف لنا بأنْ نعلمَ بأنَّ عدوَّ اللهِ قد مات؟ "، فرجع أحدُهم ودخل بين الناس، فوجد امرأتَه ورجالَ يهود حولَه، وفي يدها المصباح تنظرُ في وجهه وتحدَثهم وتقول: "أمَا واللهِ لقد سمعتُ صوتَ ابنِ عَتِيك، ثم أكذبتُ نفسي وقلت: أنَّى ابنُ عَتِيك بهذه البلاد؟ "، قال: "ثم أقبلَتْ عليه تنظرُ في وجهه، ثم قالت: فاظ (٣) وإلهِ يهود! فما سمعتُ من كلمةٍ كانت ألذَّ إلى نفسِي منها".

وقد حَدَّث الذي ذهب يستطلعُ موتَ سَلام أصحابَه بحديثه هذا بعدَ عودته إليهم من مُهمته الاستطلاعية، فأيقنت السَّريةُ بهلاكه.

واحتمل أفرادُ السَّرية عبدَ الله بن عَتِيك، وقَدِموا على رسول الله


(١) وثئت رِجلُه: شبه الفسخ في المفصل، أصاب العظم شيء ليس بالكسر. وقال بعض أهل اللغة: الوثء: تصدُّع في اللحم لا في العظم.
(٢) المنهر: مدخل الماء من خارج الحصن إلى داخله.
(٣) فاظ: مات، قال الراجز: "لا يَدْفِنون عنهم مَنْ فاظا".

<<  <  ج: ص:  >  >>