للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وإقدامُ سَرِيَّتِه إقدامًا فذًّا بمعنى الكلمة.

وكما قلنا من قبل: إن أكثرَ أصحابِ المغازي والسِّير -وعلى رأسهم محمدُ بن إسحاق- يَرَون أن الفدائيين الخمسةَ كلَّهم اشتركوا مع قائدهم عبدِ الله بنِ عتيك في القضاء على الشيطان اليهودي، وأن الذي أثبت أبا رافع وقَضى عليه هو عبدُ الله بن أُنيْس.

وعلى هذا كلُّ أصحابِ الكتبِ السِّتة والسِّير عدا البخاريَّ الذي ذَكر أن قاتل أبي رافع هو عبدُ الله بن عتيك، لا عبدُ الله بن أنيس، ولم يذكر البخاريّ أن بقيةَ الفدائيين لم يدخلوا الحصن.

وليس هناك تناقضٌ بين الروايتين في اشتراك الفدائيين الخمسة في قتله "أما ما جاء في "صحيح البخاري" من أن ابنَ عَتيك قال لبقيةِ رجاله: "ابقُوا مكانَكم حتى انظر"، فليس فيه ما يَنفي اشتراكَهم معه في العملية، إذ يَحتملُ أنه بعدَ أن نظرَ وقام بالاستكشاف رَجَع وأخذَهم معه كقائدٍ مسؤول، وأنه كان يَتحدَّثُ بلسانِ القائد الذي يُنسَبُ إليه فِعلُ كلِّ شيءٍ -حتى وإن لم يكن هو الذي فَعَل كلَّ شيء-.

كما أنَّ عدمَ ذِكرِ دَورِ بقيةِ الفدائيين في روايةِ البخاري لا يَنفي اشتراكَهم، إذ يحتمل أن يكونوا ظلُّوا كالحرس يَحْمُون ظَهرَ قائدِهم حتى قام بالقضاءِ على أبي رافع.

أما قول ابن عتيك في رواية البخاري: "ثم أتيتُ أصحابي أحجل .. " إلخ، فلا ينفي -أيضًا- اشتراكَهم مع قائدِهم في العملية؛ إذ لا يُستبعد أن يكونوا قد سَبَقوه، فخرجوا قبلَه وتأخَّر هو بسب ما حَدَث له من كَسرٍ في

<<  <  ج: ص:  >  >>