للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

خرجت وتركتُ ظَعائِنَه مُنْكَبَّاتٍ عليه.

فلمَّا قدمتُ على رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فرآني قال: "أفْلَحَ الوجهُ"، قلتُ: قد قتلتُه يا رسول الله (١)، ووضعتُ رأسَه بين يديه، وأخبرتُه خبري" (٢).

وهكذا استطاع عبدُ الله وحده، ببطولته الفذَّة، وإقدامِه النادر، أن يقضيَ على فِتنة الهُذَلي التي كان يُعِدُّها ويستعدُّ لها، ويُنهي خُطَطَه في حربِ الإسلام والمسلمين.

قال عبد الله بن أنيس في ذلك:

تركتُ ابنَ ثَوْرٍ كالحُوار وحولَه ..... نوائحُ تَفْرِي كل جَيْبٍ مُقَددِ (٣)

تناولتُهُ والظُّعْن خَلفي وخَلفَهُ ...... بأبيضَ من ماءِ الحديد مُهَنَّدِ (٤)

عَجُومٍ لِهَامِ الدار عَينَ كأنه ...... شِهابُ غَضًا من مُلهَب مُتَوَقِّدِ (٥)

أقول له والسيفُ يَعْجُمُ رأسَه ..... أنا ابنُ أُنَيْس فارسًا غيرَ قُعْدَدِ (٦)


(١) "طبقات ابن سعد" (٢/ ٥٠، ٥١)، و"مغازي الواقدي" (٢/ ٥٣١ - ٥٣٣)، و"سيرة ابن هشام" (٢٩٣/ ٤، ٢٩٤).
(٢) "مغازي الواقدي" (٢/ ٥٣٣).
(٣) الحُوار: ولد الناقة إذا كان صغيرًا. وتفري: تقطع.
(٤) بأبيض: يريد به سيفًا. والمهنَّد: السيف المنسوب إلى الهند، ويقولون: سيف هندي، وهندواني، ومهنَّد.
(٥) عجوم: هو من صفات الأبيض وهذه صيغة مبالغة من العَجْم، وهو: العض وزنًا ومعنى. والهام -هاهنا-: الرؤوس. والشِّهاب -بِزِنَةِ الكتاب-: القطعة من النار.
والغضا: شجر يشتدُّ التهاب النار فيه. والمُلهَب: اسم مفعول من ألهبتَهُ، إذا أوقدتَ فيه النار.
(٦) القعدد: اللثيم الدَّنيء القاعد عن الحرب والمكارم.

<<  <  ج: ص:  >  >>