رسولِ الله - صلى الله عليه وسلم - اليهودَ وحلفاءَهم، وذلك أنه بعدَ مَقدَمِهِ المدينةَ كتب بينه وبين اليهود كتابًا صالَحهم فيه على أنْ لا يُهاجُوا وأن يترَكوا على أمرهم، وكان ابنُ صيَّاد منهم أو دخيلاً في جُملتهم، وكان يَبلغُ رسولَ الله - صلى الله عليه وسلم - خبرُه وما يَدَّعيه مِن الكِهانة ويتعاطاه من الغَيب، فامتحنه - صلى الله عليه وسلم - بذلك ليزوِّرَ به أمرَه، ويَخبُرَ به شأنَه، فلما كلَّمه عَلِم أنه مُبْطِلٌ، وأنه من جُملة السَّحَرة أو الكهنة، أو ممن يأتيه رِئْيٌ من الجنِّ، أو يتعاهدُه شيطان، فيُلقِي على لسانه بعضَ ما يتكلَّمُ به" (١).
° وقال النوويّ: "باب ذكر ابن صيَّاد: يُقال له: "ابن صيَّاد"، و"ابن صائد"، واسمه "صافٍ" .. قال العلماء: وقصَّتُه مُشكِلة، وأمرُه مُشتبه في أنه هلَ هو المسيحُ الدجَّالُ المشهور أم غيره؟ ولا شك في أنه دجَّالٌ من الدجاجلة.
قال العلماء: وظاهرُ الأحاديث أن النبي - صلى الله عليه وسلم - لم يُوحَ إليه بأنه المسيحُ الدجَّال ولا غيره، وإنما أُوحِيَ إليه بصفاتِ الدجَّال، وكان في ابنِ صياد قرائنُ مُحتمِلة؛ فلذلك كان النبي - صلى الله عليه وسلم - لا يقطعُ بأنه الدجَّال ولا غيرُه، ولهذا قال لعمرَ - رضي الله عنه -: "إن يكن هو فلن تستطيعَ قتلَه"، وأمَّا احتجاجُه هوَ -أي: ابن صياد بأنه مسلم والدجَّالُ كافرُ، وبأنه لا يُولَدُ للدجَّال، وقد وُلِد له هو، وألاَّ يدخل مكة والمدينة وأن ابنَ صيادٍ دَخَل المدينة وهو متوجِّهٌ إلى مكة، فلا دلالة له فيه؛ لأنَّ النبيَّ - صلى الله عليه وسلم - إنما أخبر عن صفاتِه وقت فتنتِه وخروجه في