للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

° قال الحافظ في "الفتح" (١): "قوله: "فنفختُهما فطارا": في ذلك إشارةٌ إلى حقارة أمرهما؛ لأن شأن الذي يُنفَخُ فيذهبُ بالنفخ أن يكون في غايةِ الحقارة، ورَدَّه ابنُ العربي بأن أمرهما كان في غايةِ الشدَّة ولم ينزل بالمسلمين قبلَه مِثلُه.

قلت: وهو كذلك، لكن الإِشارةَ إنما هو للحقارة المعنوية لا الحسيَّة، وفي طَيَرانِهما إشارةٌ إلى اضمحلالِ أمرهما -كما تقدم-.

وقوله: "فأوَّلتُهما الكذَّابَيْنِ": قال القاضي عياض: لما كان رؤيا السِّوَارين في اليديْن جميعًا من الجهتيْن، وكان النبيُّ - صلى الله عليه وسلم - حينئذ بينهما، فتأوَّل السواريْنِ عليهما لِوَضْعِهما في غير موضِعِهما؛ لأنه ليس من حِليْة الرجال، وكذلك الكذَّابُ يضعُ الخبرَ في غيرِ موضعه، وفي كونهما مِن ذهبٍ إشعارٌ بذهابِ أمرِهما".

• وعن ابن عباس - رضي الله عنه -، قال: "قَدِم مسيلِمةُ الكذَّابُ على عهد رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، فجعل يقول: إِنْ جَعَل لي محمدٌ الأمرَ من بعده تَبِعْتُه، وقَدِمَها في بَشَرٍ كثير مِنْ قومه، فأقبل إليه رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم - ومعه ثابتُ بن قيسِ بنِ شمَّاس، وفي يد رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قطعةٌ من جَريد، حتى وقف على مسيلِمة في أصحابه، فقال: "لو سألتَني هذه القطعةَ ما أعطيتُكها، ولن تَعْدُوَ أمرَ الله فيك، ولئن أدبرتَ ليَعقِرَنَّك الله، وِإني لأراك الذي أُريتُ فيه ما رأيتُ، وهذا ثابتٌ يجيبك عني"، ثم انصرف عنه" (٢).


(١) "فتح الباري" (١٢/ ٤٢٤).
(٢) أخرجه البخاري (٤٣٧٣)، ومسلم (٢٢٧٣)، والترمذي (٢٢٩٢)، وقال: هذا حديث صحيح حسن غريب.

<<  <  ج: ص:  >  >>