للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ثم ليزورَ قبرَ الحُسين بكربلاء، والتقى هنالك بجَدِّ الفاطميين عُبيدِ الله بنِ ميمونَ القَدَّاح، فتفرَّس فيه الذكاءَ والنبوغَ، فانتدبه للقيام بالدعوة، وأمره بالعَودة إلى اليمنِ (١)، وبعد وصوله اليمن أظهر التنسُّكَ والعبادة، وكان الناسُ يطلبون منه الدعاءَ، ويَرَون فيه الرجلَ الصالح، ولَمَّا كثر أتباعُه أَعلَنَ التمرُّدَ واستولى على أجزاءَ كثيرةٍ في اليمن، وصل بعدها إلى "زَبيد وصنعاء"، وهناك أعلن مذهبَه ومُعتقَدَه (٢) السيئ.

وبعد أن دَخل صنعاءَ، صَعِدَ المنبر، وقال قصيدتَه المشهورةَ التي صَرَّح فيها بدعوى النبوَّة، وهذا مَطلعُها:

خُذِي الدُّفَّ يا هذه واضرِبي … وغنِّي هَزَاركِ ثم اطرَبِي

تولَّى نبيُّ بني هاشمٍ … وجاء نبيُّ بني يَعْرُبِ

أَحَلَّ البناتِ مع الأمهات … ومِن فضله زاد حِلَّ الصَّبي

لكلِّ نبيٍّ مضى شِرْعةٌ … وهذي شريعةُ هذا النَّبِي (٣)

لقد حَطَّ عنَّا فروضَ الصلاة … وحَطَّ الصيامَ ولم يُتعِبِ

إذا الناسُ صَلَّوا فلا تنهضي … وإن صُوِّمُوا فكُلي واشربي

ولا تمنعي نفسَكِ المُعَرِّسين … مِنَ الأقربين أو الأجنبي

فلمْ ذا حَللتِ لهذا الغريب … وصِرْتِ مُحَرَمَة للأبِ؟!

أَليس الغِراسُ لمَنْ رَبَّه … وسَقَّاه في الزمنِ المجدِبِ؟!

وما الخمرُ إلاَّ كماءِ السماء … حَلالٌ فقُدِّستِ من مَذهبِ


(١) "غاية الأماني في أخبار القطر اليماني" (١/ ١٩١) ليحيى بن الحسين بن القاسم.
(٢) "أشعة الأنوار" (١/ ١٠).
(٣) "أشعة الأنوار" (١/ ١٠).

<<  <  ج: ص:  >  >>