والذي يشهدُ له القرآن أنَّ الشَّرْح هو الانشراحُ والارتياحُ، وهذه حالةُ نتيجةِ استقرارِ الإيمانِ والمعرفةِ والنورِ والحكمة، كما في قوله تعالى:{أَفَمَنْ شَرَحَ اللَّهُ صَدْرَهُ لِلْإِسْلَامِ فَهُوَ عَلَى نُورٍ مِنْ رَبِّهِ}[الزمر: ٢٢]، بيان لشرح الصدر للإِسلام.
كما أنَّ ضِيقَ الصدر دليلٌ على الضلال، {وَمَنْ يُرِدْ أَنْ يُضِلَّهُ يَجْعَلْ صَدْرَهُ ضَيِّقًا حَرَجًا كَأَنَّمَا يَصَّعَّدُ فِي السَّمَاءِ}[الأنعام: ١٢٥].
° وفي حاشية الشيخ "زادة" على "البيضاوي" قال: "لم يُشرحْ صَدْرُ أحدٍ من العالمين، كما شُرح صدره - عليه السلام -، حتى وَسع علومَ الأوَّلين والآخرين، فقال:"أوتيتُ جوامعَ الكَلِم" .. " اهـ.
ومرادُه بعلوم الأوَّلين والآخرين، ما جاء في القرآن من أخبارِ الأمم الماضية مع رُسلهم وأخبارِ المعاد، وما بينه وبين ذلك ممَّا علَّمه الله تعالى.
° "والذي يظهرُ -والله تعالى أعلم-: أن شرح الصدر المُمْتَنَّ به عليه - صلى الله عليه وسلم -، أوسعُ وأعمُّ من ذلك، حتى إنه لَيشملُ صَبْره وصَفْحَه وعَفْوَه عن أعدائه، ومقابلتَه الإساءةَ بالإِحسان، حتى إنه ليَسَعُ العدوَّ، كما يسعُ الصديق، كقصه عودته من "ثقيف": إذْ آذوه سفهاؤهم، حتى ضاق مَلَكُ الجبال بفِعلهم، وقال له جبريل - عليه السلام -: "إن مَلَكَ الجبال معي، إن أردت أن يُطبِقَ عليهم الأخْشَبَينِ فَعَل"، فينشرحُ صدره إلى ما هو أبعد من ذلك، ولكأنهم لم يُسيؤوا إليه، فيقول - صلى الله عليه وسلم -: "اللهم اهْد قومي فإنهم لا يعلمون، إني لأرجو أن يُخرجَ اللهُ من أصلابهم من يقول: لا إله إلا الله