للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

جنس الإِجارة اللازمة، فهي من جنسِ الجِعالة الجائزة، لكن هؤلاء لا يجوزُ استخدامُهم، فالعقدُ عقدٌ فاسد، فلا يستحقُّون إلا قيمةَ عملِهم، فإن لم يكونوا عمِلوا عملاً له قيمة، فلا شيءَ لهم، لكن دماؤهم وأموالهم مباحة.

وإذا أظهروا التوبةَ ففي قبولها منهم نزاعٌ بين العلماء، فمَن قَبِل توبتَهم إذا التزموا شريعةَ الإِسلام أقرَّ أموالَهم عليهم، ومَن لم يَقبَلْها لم تُنقل إلى وَرَثَتهم مِن جنسهم، فإن مالَهم يكون فيئًا لبيت المال؛ لكنَّ هؤلاء إذا أُخذوا فإنهم يظهرون التوبة؛ لأن أصلَ مذهبِهم "التقيَّة" وكتمانُ أمرهم، وفيهم مَن يَعرف، وفيهم مَن قد لا يعرف.

فالطريقُ في ذلك أن يُحتاطَ في أمرهم، فلا يُتركون مجتمِعين، ولا يُمكَّنون من حَمل السلاح، ولا أن يكونوا من المقاتلة، ويلزَمون شرائعَ الإِسلام، من الصلوات الخمس، وقراءةِ القرآن، ويُترك بينَهم مَن يُعلِّمُهم دين الإسلام، ويُحال بينهم وبين معلِّمهم.

فإن أبا بكر الصديق - صلى الله عليه وسلم - وسائرَ الصحابة لَمَّا ظهروا على أهل الردَّة، وجاؤوا إليه، قال لهم الصديق: "اختاروا: إما الحربَ المُجلِية، وإما السِّلم المخزية. قالوا: يا خليفةَ رسول الله، هذه الحرب المُجلية قد عرفناها، فما السِّلم الخزية. قال: تَدُون قتلانا، ولا نَدي قتلاكم، وتَشهدُون أن قتلانا في الجنة وقتلاكم في النار، ونَقْسم ما أصبنا من أموالكم، وتردُّون ما أصبتم من أموالنا، وتُنزع منكم الحَلْقة والسلاح، وتمنعون من ركوب الخيل، وتتركون تتَّبعون أذنابَ الإِبل حتى يريَ الله خليفةَ رسولهِ والمؤمنين أمراً بعد ردَتِكم". فوافقه الصحابة على ذلك، إلاَّ في تضمين قتلى المسلمين، فإنَّ

<<  <  ج: ص:  >  >>