للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الشاعر، و"الخطيب البغدادي"، والمعاصر الثالث وهو "الباخَرزيُّ" (٤٦٧ هـ): القائل عن المعري: "وقد طال في ظلالِ الإسلام آناؤه، ولكن ربَّما رَشَحَ بالإلحاد إناؤه".

ويَذهبُ الشيخ محمود شاكر إلى أنه "إلى أن كانت سنة ٣٩٨ من الهجرة على الأقلِّ، لم يكن دِينُ أبي العلاء موضعَ تُهَمةٍ، ولا كانت مقالةُ السُّوء قد سارت عنه في الناس، وهو يومئذٍ في الخامسةِ والعشرين شابًّا ملءَ شبابِهِ رُجولته، وفي أوَّل الطريقِ الأعظم إلي الشهرة التي سوفَ تتردَّد في جَنَباتِ بلادِ الإِسلام.

° قال الثعالبيُّ في "تَتِمَّة يتيمة الدهر" (٣٥٠ - ٤٢٩ هـ): "كان حَدثني أبو الحسن الدُّلفيُّ المِصِّيصِيُّ الشاعر "والمِصِّيصة التي ينسب إليها ببلاد الشام"، وهو ممَّن لقيتُه قديمًا وحديثًا في مدةِ ثلاثين سنةً، قال: لقيتُ بالمَعَرَّةِ عجبًا من العجب! رأيتُ أعمى شاعرًا، ظريفًا، يكنى "أبا العلاء"، يَلعبُ بالشِّطْرنج والنَّرْدِ، ويدخُل في كلِّ فنٍّ من الجِدِّ والهَزْل، وسمعتُه يقول: أنا أحمدُ الله على العمى، كما يَحمَده غيري على البصَر، فقد صنع لي وأحسَنَ بي إذْ كفاني رؤيةَ الثقلاءِ البُغَضاء .. قال: وحضرتُه يومًا وهو يُملي في جوابِ كتابٍ وردَ عليه من بعضِ الرؤساء، ثم ذكر ثلاثةَ أبياتٍ أملاها الشاعرُ الأعمى، ولم يزدْ على ذلك شيئًا، وهو خلو "أي خالٍ خلوًّا تامًّا" من كل إشارةٍ إلى اتهام الرجُل في دينه (١).

وتحليل خبر الثعالبي المعاصر الأوَّل له مسندًا إلى أبي الحسن الذي رآه


(١) "أباطيل وأسمار" (١/ ٤٥) للشيخ محمود محمد شاكر - مكتبة الخانجي.

<<  <  ج: ص:  >  >>