بخطِّه، قال: كان في أيام الظاهر برقوق شخصٌ يقال له: "ابنُ الأمين"، شديدُ التعصُّبِ لابن عربي صاحبِ هذا "الفصوص"، وكنتُ أنا كثيرَ البيانِ لعَوَاره، والإظهارِ لعارِه وعِثاره، وكان بمصرَ شيخ يقال له:"الشيخ صفا"، وكان مقرَّبًا عند الظاهر، فهدَّدني المذكورُ بأنه يُعرفه بي، ليذكرَ للسطان أن بمصرَ جماعة -أنا منهم- يذكرون الصالحين بالسوء، ونحو ذلك، وكانت تلك الأيامُ شديدةَ المظالم والمصائبِ والمغارم، وكنتُ ذا مالٍ، فخِفتُ عاقبتَه، وخشِيتُ غائلتَه، فقلتُ: إنَّ هنا ما هو أقربُ مما تريد، وهو أن بعضَ الحُفَّاظِ قال: إنه وقع الاستقراءُ بأنه ما تَباهَلَ اثنانِ على شيء، فحال الحَولُ على المُبْطِل منهما، فَهَلُمَّ، فلنتباهلْ، لِيُعْلَم المُّحِقُّ منا من المُبْطِل، فتباهلتُ أنا وهو، فقلت له: قل: اللَّهمَّ إنْ كان ابنُ عربيٍّ على ضلال، فالْعنِّي بلعنتك، فقاله، فقلتُ أنا: اللَّهم إن كان ابنُ عربيٍّ على هُدى فالعني بلعنتك ..
وافترقنا، وكان يسكن "الرَّوضة"، فاستضافه شخص من أبناء الجُند جميل الصورة، ثم بدا له أن يتركَهم، فخرج في أولِ الليل، فخرجوا يُشيِّعونه فأحسَّ بشيء مَرَّ على رِجله، فقال لأصحابه: مَر على رِجله شيء ناعم، فانظروا ما هو؟ فنظروا فلم يجدوا شيئًا، فذهب، فما وصل إلى منزلِه إلاَّ وقد عَمِيَ، ولَم يُصبحْ إلاَّ وهو ميت، وكان ذلك في ذِي القَعدة سنةَ سبعٍ وتسعين وسَبْعمئة، وكانت المباهلةُ في رمضْانَ منها، قال: وكنتُ عند وقوع المباهلة عَرَّفَتُ مَن حَضَر أنَّ مَن كان مُبْطِلاً في المباهلة لا تمضي عليه السَّنة، فكان ولله الحمد ذلك، واسترحتُ من شرِّه، وأَمنتُ من عاقبةِ مكره" (١).