والطريقة الثانية: وهي مَشُوبةٌ بالبدع، وهي طريقةُ قومٍ من المتأخِّرين، يجعلون الطريقةَ الأولى وسيلةً إلى كشفِ حِجابِ الحِسِّ؛ لأنها من نتائجها.
ومن هؤلاء المتصوِّفة: ابن عربي، وابن سبعين، وابن بَرْجان وأتباعُهم ممَّن سَلَك سبيلهم، ودانَ بنِحلتِهم، ولهم تواليفُ كثيرة يتداولونها مشحونة بصريح الكفر ومستهجَنِ البدع، وتأويل الظاهر لذلك على أبعدِ الوجوه، وأقبحها مما يَستغربُ الناظرُ فيها من نِسبتها إلى المِلَّة، أوْ عَدِّها في الشرِيعة، وليس ثناءُ أحد على هؤلاء حُجَّة، ولو بَلَغ المُثنِي ما عَسَى أن يَبلغَ من الفضلِ؛ لأن الكتاب والسُّنَّة أبلغُ فضلاً أو شهادةً من كل أحد.
وأما حُكم هذه الكتب المتضمِّنة لتلك العقائد المُضِلَّة، وما يوجَدُ من نسخها بأيدي الناس مثل "الفصوص" و"الفتوحات المكية" لابن عربي و"البد" لابن سبعين، و"خلع النَّعْلَيْن" لابن قسي، و"عين الرجاء" لابن برجان، وما أجدر الكثير من شعر ابن الفارض، والعفيف التلمساني، وأمثالهما أن يُلحَقَ بهذه الكتب، وكذا شرحُ ابن الفرغاني للقصيدة "التائية" من نَظْم ابنِ الفارض، فالحكمُ في هذه الكتب وأمثالِها إذهابُ أعيانها متى وُجِدَت بالتحريق بالنار، والغسلِ بالماء، حتى يمنحيَ أثرُ الكتاب؛ لِمَا في ذلك من المصلحةِ العامَّةِ في الدين بمَحْوِ العقائد المُختَلَقه، فيتعينُ على وليِّ الأمر إحراقُ هذه الكتبِ دَفْعًا للمَفْسَدةِ العامةِ، ويتعيَّنُ على مَن كانت عنده
= في الملة كما يقول ابن خلدون. ولكن ابن خلدون يعني هنا أولياء الرحمن كالجنيد وإبراهيم بن أدهم وسهل بن عبد الله التستري، وقد أثنى عليهم ابن تيمية وعلماء الأمة.