للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

° قلتُ (١): ومن هذه القصيدة:

وَجُد في فنونِ الاتِّحادِ ولا تَحِدْ … إلى فئةٍ في غُرِّةِ العمرِ أصْبَتِ

° ومنها:

إليَّ رسولاً كنتَ مِنِّي مُرْسَلاً … وذاتي أمانييُّ عليَّ استَقَلَّت

وفي قصائده من هذا النمط فيما يتعلَّقُ بالاتحاد شيءٌ كثير، وقد كنتُ سألتُ شيخَنا الإِمامَ سِراجَ الدينِ البلقينيَّ عن ابن عربي، فبادَرَ الجواب بأنه كافر، فسألته عن ابن الفارض فقال: لا أحبُّ أن أتكلَّم فيه. قلتُ: فما الفرقُ بينهما والموضعُ واحد -وأنشدته من "التائية" فقطع علَيَّ بعدَ إنشادِ عِدَّةِ أبياتٍ بقوله: "هذا كفرٌ هذا كفر".

ورأيتُ في كتاب "التوحيد" للشيخ عبد القادر القوصي قال: حَكى لي الشيخُ عبدُ العزيز بن عبدِ الغنيِّ المنوفي قال: كنتُ بجامعِ مصرَ وابنُ الفارض في الجامع وعليه حَلقة، فقام شابٌّ من عندِه وجاء إلى عندي، وقال: جَرَى لي مع هذا الشيخ حكايةٌ عجيبة -يعني ابن الفارض- قال: دَفَعَ إليَّ دراهمَ، وقال: اشتر لنا بها شيئًا للأكل، فاشتريت، ومَشَيْنا إلى الساحل، فنزلنا في مَركب حتى طَلَع النهنسا (٢) فطرق بابًا، فنزل شخصٌ، فقال: "بسم الله"، وطلَع الشيخ، فطلعت معه، وإذا بنسوةٍ بأيديهم الدُّفوف والشبَّابات وهم يغنون له، فرقص الشيخ إلى أن انتهى وفرغ، ونزلنا وسافرنا حتى جئنا إلى مصر، فبَقِيَ في نفسي، فلما كان في هذِهِ الساعة جاءه الشخصُ الذي فَتَح له الباب، فقال له: يا سيدي، فلانة ماتت -وذَكَر واحدةً من أولئك


(١) الكلامُ السالف كله للحافظ ابن حجر، وما يأتي أيضًا.
(٢) قرية بصعيد مصر بمحافظة المنيا.

<<  <  ج: ص:  >  >>