رابعًا: أنَّ الأديانَ كلَّها من نَبْتِ البيئة ومِن وَضْع الأنبياء.
° يقول زكي مبارك محاولاً أن يصِف القرآنَ بكلِّ ما لا يُصَدَّق، وأنه نِتاجُ البيئةِ -كبُرَتْ كلمةً تخرجُ من فِيهِ إن يقولُ إلاَّ كَذِبًا-: "فمن الواجبِ أن يَتركَ الباحثون ذلك المَيدانَ الذي أولعوا بالجَرْي فيه -وهو عصر الدولة العباسية-، وأن يَجعلوا مَيدانَ النِّضال "عصرَ النُّبُوَّة" نفسَه، وأن يحدِّثونا ما هي الصِّلاتُ الأدبيةُ والاجتماعية التي وَصَلت إلى العرب من الخارج فأعطت نَثْرهم تلك القوَّة وذلك الزُّخرفَ اللذيْن تراهما مجَسَّمَيْنِ في القرآن؟ هنالك نعرف بالبحث: أكان القرآنُ صورةً عبقريَّةً أم تقليديةً".
فهذا الكلام الصريحُ الذي لا يَقبلُ الشكَّ ولا التأويلِ أن زكي مبارك يرى أن القرآنَ من كلامِ العرب تأثَّر بما تأثروا به، أو يصحُّ أن يكونوا تأثَّروا به من صِلاتٍ أدبيةٍ واجتماعيةٍ أتتهم من الخارج، وأنَّ ما امتلأ به -في زعمه- من "الزخرف والصنعة المحكمة، ليس طبيعيًّا، ولكنه مُكتَسَبٌ مجلوبٌ من الخارج".
° وما معنى قول زكي مبارك:"ولا يُنكِرْ مُتَعَنِّتٌ أن القرآنَ وَضع للصلوات والدعوات ومواقفِ البكاء والخوفِ والرجاء سُورًا مسجُوعةً تماثِل ما كان يُرتِّله المتديِّنون من النصارى واليهود والوثنيِّين، ولا تَنْسَ أن الوثنيةَ كانت دينًا يؤمِنُ به أهلُه في طاعةٍ وخشوع، وكانت لهم طقوسٌ في هياكلهم، وكانت تلك الطقوس تؤدَّى على نحوٍ قريب ممَّا يفعلُ أهل الكتابِ من النصارى واليهود".
° وانظر إلى ما يقوله زكي مبارك: "انتفَعَ الصوفيةُ بسماحةِ الإِسلام، وهو دينٌ يأبى أن يكونَ بين المسلم وربِّه وسيطٌ، فقرَّروا أنهم أرفعُ من