فلو سَوَّى بينهم سبحانه في المعيشةِ والأخلاق والعقولِ والأسبابِ، لَتعطَّلَتْ مصالِحُهم، ولم تَظْهرْ هذه الحِكَمُ والأسرار التي رَتَّب عليها الثوابَ والعقابَ في الدنيا والآخرة، ولم يَعرِفِ العِبادُ معانيَ أسمائه الحسنى وصفاتِه العُلى، ولم يَخضعْ أحدٌ لأحد، ولم يَعرِفْ أحدٌ قَدْرَ نِعمةِ الله عليه، ولم يؤدِّ ما يجبُ عليه منَ الشكر .. إلى غير ذلك من الأسرار والمعاني الشريفةِ والحِكَم الرفيعة التي لا يُدرِكها ولا يُوفَّقُ لها إلاَّ أهل الإيمانِ بالله واليوم الآخِرِ وأربابُ العِلم النافع والبصائر.
والاشتراكيةُ استوردها أربابُها لِيُغْنُوا بها الفقراء -بزعمهم-، وإنما جَلَبوها في الحقيقة لِيُفقِروا بها الأغنياءَ، ويَسلُبوا بها أموالَ الناس بالباطل باسم "رحمة الفقراء"، ويَصرِفوها في مطامِعِهم الأشعبية وأغراضِهم الدنيئة، وشهواتهم البهيمية، ويُخمدوا بها جَذْوَةَ الحركةِ والعلم، ويَصُدُّوا بها الناس عن التفكيرِ في: حق رب العالمين، والتنافس في مصالح الحياة، والثورةِ على الكَفَرةِ والطُّغاة الملحدين.
هذه حالُ الاشتراكية وأهلها، حَسدوا الناسَ على ما آتاهمُ الله مِن فضله، وتجرَّؤوا على شَرعه، وظَلَموا العبادَ، واستبدُّوا بالأموالِ والعَتاد، وحارَبوا اللهَ في أرضِه، واستكبروا عن طاعتِه وحقِّه، تبًّا لهم ما أخسَرَ صفقتهم! وأخسَّ مُروءَتهم! وأسوأَ عاقبتَهم!.