وفي هذه السَّنةِ نفسِها كان "برويز" قد عُيِّن عُضوًا في "لجنةِ التقنين" في باكستان، غيرَ أنه لم يَستمرَّ بها طويلاً، إذ عُطِّل الدستورُ بأكملِه إثْرَ انقلابٍ عسكريٍّ قام به الجنرال "أيوب خان"، وأَمَر بالغاءِ جميعِ الحركاتِ والأحزابِ ما عدا حركةَ "طلوع إسلام"، ولعلَّ السببَ في ذلك يعودُ إلى ملاءمةِ الأفكارِ البرويزية لكلِّ حاكم.
ومركز "المِلَّة" عند برويز يتولاَّه كلُّ مَن تمكَّن منه، وقد مُنح لهذا المركز سلطاتٌ تشريعيةٌ واسعة، من الحَظْرِ والإباحةِ والإِجبار، وهذا ما يَبتغيه كلُّ حاكمٍ لبقائه في الحُكم، ولعلَّ هذا هو أحدُ الأسبابِ الخَفِيَّةِ العاملةِ في إلغاءِ قانونِ الأحوالِ الشخصيةِ الإِسلامية إبَّانَ حُكمِ هذا الجنرال، وإحلالِ القوانينِ الوضعيةِ -المقدَّمةِ من لجنةِ الأحوال الشخصية- مَحِلَّه.
والحقُّ أن فِكرَ "برويز" يمتازُ بالاطِّلاع الواسع على الأفكار الأوربية، ويَرى وجوبَ صَبْغِ الإِسلام بها .. وبالإضافةِ إلى ذلك يعتقدُ أنَّ النظرياتِ العلميةَ حقائقُ لا تَقبلُ الجَدَلَ والمناقشة؛ لذا يجبُ تفسيرُ القرآنِ بمقتضاها، كالقول بالتطوُّر في وجودِ الخَلْق، وإنكارِ خوارِقٍ العادات .. أمَّا التأويلُ وصَرفُ الكلماتِ عن معانيها الحقيقيةِ في كُتُبه، فحدِّثْ ولا حَرَجَ، فما من مُعتقَدٍ إسلاميٍّ إلَّا مَسَّه قلمُ "برويز" بالتأويل.
و"غلام أحمد برويز" يُقلِّدُ "توفيق صدقي" تقليدًا تامًّا -مع دعوى الاجتهادِ والانفراد-؛ لأنه يُنكِرُ إنكارًا تامًّا أن يكونَ للأحاديث أيُّ قيمةٍ تشريعيةٍ (١).