الثِّقة عنها، ودعوةِ الجماهير إليها جِهارًا: يعودُ تاريخُه إلى مسجد "سكرتارية دهلي" الذي كان قد مَنح "برويز" مِن قِبَلِ مسؤوليِ المسجدِ حُقوقَ خُطبةِ الجمعة فيه، لِحُسنِ نواياه السابقة، لكنه سَرعانَ ما أَخذ أسلوبُه يتلوَّنُ من يومٍ لآخر، فبدأ بالتأويل في السُّنة، فالتعريضُ بها، وأخيرًا إنكارُ حُجِّيَّتِها وعدمُ الاعتمادِ عليها في شَرعِ الله عزَّ وجل، غيرَ أنه لَم يَمْضِ وقتٌ طويلٌ على هذه الأفكار حتى استولى الحماسُ الدينيُّ على "موسى" الفَرَّاش، بالسكرتارية، فأخذ بتلابيبِ الخطيب، ونهاه عن إلقاءِ مِثلِ هذه التُّرَّهاتِ، ما كان سببًا مباشرًا لعَدَمِ عودتِه إلى المسجدِ للخطبةِ مرةً أَخرى.
وكان "برويز" قد اتَّصل في هذه الآونةِ بأستاذه الفكري "الحافظ محمد أسلم جراجبوري"، فتتلمذ عليه، ووَرِثَ منه جميعَ مُخلَّفاتِ الخواجةِ الفكرية حولَ السُّنة، وما أضاف "الحافظ إليها طُوالَ عمرِه الطويل، بَيْدَ أن الأرضَ لم تكن خِصبةً لنشرِ أفكارِه بين المسلمين آنَذَاك لكثرةِ ما كانت تكتظُّ به "دهلي" من العلماء الأجلَّاء من جهةٍ، والتغيُّراتِ السياسيةِ التي أوشكت أن تَحُلَّ بالمسلمين وقتَئذٍ من جهةٍ أخرى، فَبقِيَتْ أفكارِه تختلجُ في صدرِه حتى نالت باكستان استقلالها، فجاءها مهاجِرًا كبقية المسلمين، واتخذ "كراتشي" مقرًّا مؤقَّتًا لنشر دعوته.
وإذا أردنا أن نعرفَ موقفَ الرجل من "السيد أحمد خان" وأفكاره، فنراه يُبجِّلُه، ويَضَعُه في قائمةِ مفكِّري هذا العصر، ويقول: "وفي عصرِنا الحاضرِ يُعتبر "السيد أحمد خان" والدكتور "محمد إقبال" أشهرَ مُفكِّري هذا العصر" (١).
* أما موقفهُ من "عبدِ الله جكرالوي"، فنراه يَمدحُ مَنهجَه، ويُنكِرُ