للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

° كان عطوفًا يرأمُ مَن حوْله ويُوَدُّهم ويدومُ لهم على المودَّة طولَ حياته .. وليس في سجلِّ المودةِ الإِنسانية أجملُ ولا أكرمُ من حنانه على مُرضعته "حليمة"، ومن حفاوته بها وقد جاوز الأربعين؛ فيلقاها هاتفًا بها: "أُمِّي، أُمِّي"، ويَفرشُ لها رِداءَه، ويُعطيها من الإِبل والشاءِ ما يُغنيها في السَّنة الجَدْباء.

° ولقد وفدتْ عليه "هوازنُ" وهي مهزومةٌ في وقعة "حُنين"، وفيها عمٌّ له من الرضاعة؛ لأجل هذا العمِّ من الرضاعة تشفَّع النبيُّ إلى المسلمين أن يردُّوا السَّبْي من نساءٍ وأبناء، واشترى السَّبْي ممن أبَوْا رَدَّه إلا بمال.

وحضنتْه في طفولته جاريةٌ عَجماء، فلم يَنْسَ لها مودَّتها بقيَّة حياته.

• وشَغَله أن يَنْعَمَ بالحياة الزوجية ما يشغلُ الأبَ من أمر بناته ورَحِمِه، فقال لأصحابه: "مَن سرَّه أن يتزوَّج امرأةً من أهل الجنة فليتزوَّجْ أمَّ أيمن" .. وما زال يُناديها: "يا أُمَّهْ، يا أُمَّه"؛ كلما رآها وتحدَّث إليها، وربما رآها في واقعةِ قتالٍ تدعو اللهَ وهي لا تدري كيف تدعو بلكنتها الأعجميَّة، فلا تُنسيه الواقعةُ الحازبةُ أن يُصغيَ إليها ويَعطِفَ عليها.

وقد اتسع عطفُه حتى بَسَطه للأحياء كافَّة، فـ "كان يُصغي للهرَّة الإِناءَ فتشرب، ثم يتوضأ بفضلها" (١).

وكان يواسي في موت طائرٍ يلهو به أخو خادمِه (٢)، ويُوصي المسلمين


(١) صحيح: رواه الطبراني في "الأوسط"، وأبو نعيم في "الحلية" عن عائشة، ورواه أبو داود وابن ماجه والطحاوي، والدارقطني في "الأفراد"، والبيهقي في "السنن"، وصححه الألباني في "صحيح الجامع" رقم (٤٨٣٤).
(٢) "يا أبا عُمير، ما فعَل النُّغير؟ ".

<<  <  ج: ص:  >  >>