للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

° وقَدَّم الطبيبانِ صورةَ "الزكاة" مِن أن الذي "يكادُ يَجزِمُ به العقلُ أنهَ قِيمةَ النِّصابِ مِن كلِّ صِنفٍ لا بدَّ أنها كانت عند العرب متساويةً، أي أَنَّ مَن كان عنده منهم ٢٠ دينارًا كمَن كان عنده ٢٠٠ درهم أو ٥ جِمال أو ٤٠ شاة، ولذلك تؤخَذُ شاةٌ واحدةٌ ممن عنده أربعونَ شاةً، وكذا مَن عنده ٥ جِمال، ولو لمِ يكنْ جَميعُ هذه المقاديرِ متساويةً لكان هناك ظُلمٌ لبعضِ الناس دونَ الآخرِين".

° "ومن ذلك نعلمُ أن ما بَيَّنَتْه السُّنةُ للعرب في ذلك الزمنِ لا يَصلحُ لجميع الأمم في الأوقاتِ المختلفة، ولذلك لَم يَرِدْ شيءٌ من ذلك في القرآن مطلقًا .. وتُرِكَتْ مِثلُ هذه التفاصيلِ فيه لتِتصرَّفَ كلُّ أُمَّةٍ في الأمور بما يناسبُ حالَها، فيجبُ على أولياءِ الأمورِ بعد الشورى ومراجعة نصوصِ الكتاب أن يَضَعُوا للأمةِ نِظامًا في هذه المسألة .. ثم إن رُبعَ العُشرِ إذا قام بإصلاح حالِ الفقراء والمساكين وأبناءِ السبيل في زمنٍ أو بلد، فليس ضروريًّا أن يكونَ كافيًا كذلك في زَمَنٍ آخَرَ أو في بلدةٍ أخرى، ومِن ذلك تعلمُ حِكمةَ اللهِ في عَدَمِ تعيينِ شيءٍ من ذلك في كتابه تعالى" (١).

وللطبيبين في كلٍّ مِن حَدَّيِ "الرَّجْم" و"قتل المرتد" موقفٌ شبيةٌ بموقفِ الهنود، من أن الرجمَ لم يَرِدْ في القرآن (٢)، وأنَّ قَتْلَ المرتدِّ مخالفٌ للآياتِ القرآنية التي ضَمِنَتْ حُريةَ العقيدة والتدين (٣)، وأنَّ إعدامَهما تعزيرًا أو محاربةً لا حَدًّا هو ما وقع في الأزمنةِ السالفة، وللإمام تطبيقُهما كعقوبتَينِ


(١) "المنار" (٩/ ٥٢١).
(٢) راجع رأيهما في "المنار" (٩/ ٥٢٣).
(٣) راجع رأيهما في "المنار" (٩/ ٥٢٣).

<<  <  ج: ص:  >  >>