الأحكام الشرعية وبيانِ الحلالِ والحرام، وهي الوَحيُ الثاني، كما أجمَعَ العلماءُ أيضًا على أن مَن جَحَد كونَ السُّنةِ أصلاً معتَبَرًا يُرجَعُ إليه في الأحكام، وزَعَم أنه يَكتفي بالقرآنِ عنها، فهو كافرٌ مرتدٌّ عن الإِسلام، وقد صَنَّف في ذلك الحافظُ السيوطي رسالةً سَمَّاها "مفتاح الجنة في الاحتجاج بالسنة"، ذَكَر فيها الأدلةَ من الكتابِ والسُّنةِ والآثارِ على وجوبِ تعظيم السُّنةِ والأخذِ بها، وأنها الأصلُ الثاني من أصولِ الإِسلام، كما ذَكر فيها إجماعَ العلماءِ على كُفرِ مَن أنكر السُّنةَ، وزَعَم أنه لا يُحتجُّ إلَّا بالقرآن، ولا شكَّ أن مَن أنكر السُّنةَ فقد أنكر القرآن وكَذَّبه؛ لأنَّ القرآن الكريمَ قد أَمَر في مواضعَ كثيرةٍ بطاعةِ الرسول - صلى الله عليه وسلم - واتِّباعِه، وعَلَّق الرحمةَ والهدايةَ ودخولَ الجنةِ والنجاةَ من النار على ذلك.
وقد كَتَبْنا في هذا المَقام مقالاً أبسَطَ من هذا البيانِ، ننشرُه قريبًا إن شاء الله.
فالواجُب على فخامةِ العقيد أن يُعلِنُ توبتَه إلى الله سبحانه من إنكارِه ما أنكَرَ من السُّنة، وأن يُعلِنَ التزامَه بما صَحَّ منها عند أهل العلم -كأحاديثِ الصحيحين وغيرها- ممَّا صَحَّ عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم -قولاً، أو فعلاً، أو تقريرًا- … " (١).
(١) مجلة "البحوث الإِسلامية" - العدد الخامس محرم - جماد الثاني ١٤٠٠ هـ تحت عنوان "إيضاحات وتنبيهات" للشيخ ابن باز (ص ٢٦٢ - ٢٦٣)، ومجلة "المجتمع الكويتية" العدد ٣٩٣ (ص ٢١)، وكتاب "السنة باعتبارها مصدرًا من مصادر التشريع الإِسلامي" لمحمود صالح شريح (ص ٣٥٣ - ٣٥٤) وهذه رسالة ماجستير بالجامعة الإِسلامية بالمدينة.