التكوين"- ظلَّا يُعلِّمانِه ويَقرآنِ عليه الكُتبَ الدينية، ويَشرحانِها له، وَيستعيدانِه ما سَمعَ نحوَ خَمْسَةَ عَشَرَ عامًا إلى أن تأكَّد لها أنه قد تمَّت -كما يقول الكتاب- بَرْمَجَتُه بما لَقَّنَّاه إياه، حتى صارَ لا يَخرِمُ منه شيئًا بسبب ذاكرتِه الحديديةِ التي لم يكن يُفِلتُ منها شيء.
وفي الصفحة (١٩) نراه يؤكِّدُ أن تَجربةَ تصنيعِ النبي التي قامت بها خديجةُ وورقةُ لا تَنفِي جانبَها الغَيبي؛ إذ لا تعارُضَ بين الأمرَينِ، لكنه بعدَ قليلٍ يَبني أن الإيمانَ بالخوارقِ والمعجزاتِ التي يُسمِّيها "مخاريقَ وشعبذات"، وهي تَسميةٌ لها دلالتُها المفضوحةُ التي لا تَخفَى على أحدٍ، وهو جُزءٌ من ثقافةِ البيئةِ العربيةِ المتخلِّفة.
وزاد فنَفَى في الصفحة (١٨٥) أن تكون حادثةُ "الغار" من الخوارق، بل هي نتيجةُ المجهودِ البشريِّ الذي قام به الاثنان.
° والكتابُ يُكرِّرُ أن ورقةَ وخديجةَ قد تعاوَنا إلى أقصى مَدًى بهَدفِ تثقيفِ محمدٍ وقَلْوَظَتِه وصَنْفَرَتهِ وتَلْميعه -كما يقول-، فكيف يتمُّ ذلك إذا كان الكتابُ نفسُه يَذكرُ أن ورقةَ أراد قبلَ ذلك أن يتزوَّجَ خديجة، لكنه لم يوفَّق؛ لأن أخته حاولت أن يعاشِرَها عبد الله -والدُ الرسول عليه السلام- كيما ينتقلَ إليها النورُ المقدَّس، الذي كان في وجهه، فصَدَّها وذَهَب إلى آمِنة زوجته، فعاشَرَها، فحَمَلت منه بالقادم المنتظَر (ص ٣٦)، فكيف يمكنُ أن يَنسَى ورقةُ هذا كلَّه، ويَمُدُّ يدَ التعاونِ إلى خديجةَ ليصنعَ من محمدٍ نبيًّا، رَغمَ أنه نال هو وأختُه على يدِه ويدِ أبيه الهزيمةَ المُذِلَّة؟!.
° وفي مواضعَ عديدةٍ من الكتاب (ص ٣٩، ٤١، ٤٢، ٥١، ٥٢،